للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فإِنما أَمْسَكَهُ) ... إلخ وفيه إشارة إلى أن الكلب بعد فَنَائه في رضاءِ مولاه يصيرُ آلةً له، ولا يبقى له حكمة بل يصير كالمُدْيَة. قلت: فما ظنُّك بالعبد الذي انتصب لمعاداةِ مولاه في اتباعِ هَوَاه، فمثله كَمَثَل الكلب أو أسوأ منه، فالكلبُ بعد طاعة مالكه صار في حُكْم المالك، والمالكُ بمعصية مولاه صار أسوأ من الكلب. ووجه الاستدلال منه على طهارته: أنه لم يأمره بغسل لعابه ولو كان نجسًا لأمر به، فدلَّ على أنه طاهر.

قلت: التمسكُ بالمبهمات بعد ورودِ الأحاديث المصرحة في الباب بعيدٌ جدًا على أنَّه استدلال بالمسكوت، وهو في غاية الضَّعف، فإِنَّه كما لم يأمر بغسل لعابه لم يأمر بغسل الدم الذي خَرَجَ من جرحه، ولا أمر بإِخراج النجاسات التي في بطنه، فمن ذهب إلى طهارتها؟ وإنما لم يتعرَّض إلى الغسل لأنه معروفٌ في الصيد فاستغنى عن ذكره.

ومُحَصِّل الكلام: أنه لا يُظن بمثلِ المصنِّف رحمه الله تعالى أن يكونَ ذهب إلى طهارته مع وُرودِ القطعياتِ الدالة على النجاسة في الباب، وغايتُه أن يكونَ فوض الأمر إلى النَّاظر، ولذا أخرج الأحاديث للطَّرفين، وهذ أيضًا من دأبِهِ فإِنَّه إذ يرى قوةً في الجانبين يذكر الحديثَ للطرفين ولا يجزم بأحد الجانبين والله تعالى أعلم.

٣٥ - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَاّ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ: مِنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ؛ لقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: ٦]

وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدُّودُ أَوْ مِنْ ذَكَرِهِ نَحْوُ الْقَمْلَةِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ.

وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِذَا ضَحِكَ فِى الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَا وُضُوءَ إِلَاّ مِنْ حَدَثٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَرُمِىَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَرَكَعَ وَسَجَدَ، وَمَضَى فِى صَلَاتِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِى جِرَاحَاتِهِمْ. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِىٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَيْسَ فِى الدَّمِ وُضُوءٌ. وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَبَزَقَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِى صَلَاتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَاّ غَسْلُ مَحَاجِمِهِ.

١٧٦ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِى صَلَاةٍ مَا كَانَ فِى الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، مَا لَمْ يُحْدِثْ». فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِىٌّ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ الصَّوْتُ. يَعْنِى الضَّرْطَةَ. أطرافه ٤٤٥، ٤٧٧، ٦٤٧، ٦٤٨، ٦٥٩، ٢١١٩، ٣٢٢٩، ٤٧١٧ - تحفة ١٣٠٢٦

١٧٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». طرفاه ١٣٧، ٢٠٥٦ - تحفة ٥٢٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>