للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التعميم فإِنهم قالوا: إن ما يُحمل إلينا من دار الحرب فإِنه طاهر مطلقًا (١). وعندي أن مطبوخات الهندوسيين كلها مكروهةٌ لغلبة الظن بنجاستها، كما قالوا في سؤر الدجاجة المُخَلاة.

قوله: (فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك) على الشافعية رحمهم الله تعالى. وهذا لا يردُ على الحنفية، فإِنهم قائلون بطهارة الأرض باليُبْس. وأبعد الخَطَّابي في تأويله بأنها كانت تبولُ خارجَ المسجد ثم تمر في المسجد. قلت: ما أظرفَ وأعقلَ هذه الكلاب فهلا قال: إنها كانت تستنجي أيضًا. ثم تجيء في المسجد واعلم أن ترك البولِ في أرض المسجد حتى اليُبس مستنكرٌ عندنا أيضًا فلم أرد به شرحَ الحديث من أن طهارةَ أرضِ المسجد عندهم كانت على هذا الطريق، بل أردت التعريضَ ليفهمَ الخصومُ أن الحنفية رحمهم الله تعالى أيضًا لهم مُسْكَةٌ في الباب.

والوجه عندي أن غرضَ الراوي منه بيانُ عدم علمهم الخصوصي بمواضع أبوالها، مع حصول العلم الكلي وجنسه عندهم، فإِنها إذا كانت تُقبلُ وتدبر فأمكن أن تبول أيضًا فيقول: إنه لم يحدثْ من هذا الجنس في تطهير المسجد أمر جديد، بل عُدَّت طاهرة كما كانت قبل ذلك. والحكمُ بالنجاسة لا يمكن عندنا إلا بمشاهدة جُزْئية أو إخبار صحيح. وأما الظُّنْون فلا تغني عن الحق شيئًا. وبمثله نقول في حديث القُلتين وبئر بُضَاعة أيضًا، فإنه ليس هناك إلا عِلمٌ كليٌّ في مرتبة الجنس دون العلم الجزئي فاعلمه.

ثم استدلَّ الشافعية على أنَّ الأرض لا تطهر إلا بالغسل بحديث بولِ الأعرابي في المسجد وإهْرَاق الدلو عليه كما أخرجه أبو داود. قلت: وهذا أيضًا سبيل آخر لتطهيرها عندنا وفيه نفع أيضًا، وهو إزالةُ الرائحة الكريهة، والتطهير على الفور. مع ورودِ التصريح بحفرِ هذا الموضع أيضًا، كما هو عند أبي داود، فكأنه اكتفى بإسالة الدلو في الحالة الراهنة ليطهر سطحها وأمرَ بعده بحفرها تطهيرًا لباطنها. وكيف ما كان مسألة طهارة الأرض باليُبس مستقيمة على كل حال.

١٧٥ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِذَا أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ». قُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِى فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ قَالَ «فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ». أطرافه ٢٠٥٤، ٥٤٧٥، ٥٤٧٦، ٥٤٧٧، ٥٤٨٣، ٥٤٨٤، ٥٤٨٥، ٥٤٨٦، ٥٤٨٧، ٧٣٩٧ - تحفة ٩٨٦٣ - ٥٥/ ١

١٧٥ - قوله: (إذا أرسلت) ... إلخ واتفقوا على أنَّه إن قَتَلَ خنقًا لا يكون حلالًا، بل يكون ميتة، فلا بد من الجرح. وشَرَطَ بعضُهم الإِدماء أيضًا.


(١) قلت: وأخرج الترمذي عن أبي ثعلبة الخشني يقول أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب نأكل في آنيتهم؟ قال إن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها فإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها اهـ هذا حديث حسن صحيح ويعارضه ما عنده عن هلب قال سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طعام النصارى فقال لا يختلجن في صدرك طعام ضارعت فيه النصرانية اهـ هذا حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>