للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنهما - أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتِ الأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ، مِنْهَا فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُقِرَّهُمْ بِهَا أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا». فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ. أطرافه ٢٢٨٥، ٢٣٢٨، ٢٣٢٩، ٢٣٣١، ٢٤٩٩، ٢٧٢٠، ٣١٥٢، ٤٢٤٨ تحفة ٨٤٦٥ - ١٤١/ ٣

وهذه أيضًا من التراجم التي لا تَسْقُطُ على مَحَطَ، ولا تَرْجعُ إلى أصلٍ. فإن حقيقةَ المعاملة مع أهل خَيْبَرَ لم تتنقَّحْ عنده بعد، فقد يجعلها إجارةً، وأخرى مزارعةً، ولا تَصِحَّان، إلا أن تكونَ مِلْكًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم والمسلمين. وأمَّا إذا كانت مِلْكًا لأنفسهم، فلا تَصْحُّ لا هذه، ولا تلك، فلا تكون إلا خَرَاجًا مقاسمةً. ثم فرَّع عليها تفريعات لا تَسْتَقِيمُ بحالٍ أيضًا، فذكر إبهامِ الأجل، وذا لا يَصِحُّ على تقدير كونها إجارةً، أو مزارعةً باتفاق الفقهاء، لأن الطبائعَ قد جُبِلَتْ على المُمَاكَسَةِ في هذا الباب. فالإِبهام فيها يُفْضِي إلى المُنَازَعَةِ لا مَحَالَة. أمَّا الخَرَاجُ مقاسمةً، فيَصِحُّ مع جهالة الأجل، لكونه بين الإِمام والرَّعِيَّةِ، والأمنِ من إفضائه إلى المُنَازَعةِ، فللإِمام أن يُقِرَّ من شاء إلى ما شاء من غير مُدَافعٍ، ولا مُنَازِعٍ.

٢٣٣٨ - قوله: (حتَّى أَجْلاهُمْ عُمَرُ إلى تَيْمَاءَ وأَرِيحَاءَ). وقصتُه: أن ابن عمر كان ذَهَبَ إليهم لحاجةٍ، فأَسْقَطُوهُ من السَّقْفِ، فخرجت رِجْلاه، فأجلاهم عمر من جزيرة العرب على ما كانت حدودها في ذهنه. وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أَخْبَرهُمْ بهذا الإِجلاء في أول أمرهم أيضًا. ثم إن أَرِيحَاءَ بلدةٌ في أطراف الشام، فَلْيُمْعِنُ النظرَ أصحابُ الجغرافية في أنها كانت داخلة في حدود جزيرة العرب في الدورة الإِسلامية أم لا؟ وهذا يُفِيدُ في شرح قوله صلى الله عليه وسلّم «أَخْرِجُوا اليهودَ والنصارى من جزيرة العرب» (١).

١٨ - باب مَا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُوَاسِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِى الزِّرَاعَةِ وَالثَّمَرَةِ

٢٣٣٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنْ أَبِى النَّجَاشِىِّ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ ظُهَيْرٌ لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا. قُلْتُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -


(١) وفي "المعتصر في تفسيره": فجزيرةُ العرب التي لا يُتْرَكُ اليهود، والنصارى يُقِيمُون بها إلَّا مقدار ما يَقْضُونَ بها حوائجهم مكَّةُ والمدينةُ، والطائفُ، والوبزة -الرَّبَذَة- ووادي القُرَى، على ما قال محمد بن الحسن. وقال أبو عُبَيْدَة: ما بين حضر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وأمَّا العرضُ فما بين بِيرِين إلى منقطع السَّمَاوة.
وقيل: الطولُ من أقصى عَدَن إلى ريف العراق، والعرض فمن جُدَّة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>