للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعلم أنه لا فرق بين التحديث والإخبار لغة. وأما في الاصطلاح فمنهم من استمر على أصل اللغة، ونَقَل الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة كما في «الفتح». وصرح القاري أنه مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وهكذا يُستفاد من طبقات الحنفية للشيخ عبد القادر القُرَشي في ترجمة عبد الكريم بن الهيثم، أو عمرو بن الهيثم، وهو رأي البخاري، ولذا تجد في كتابه كثيرًا في الصلب حدثنا مع نسخة عليه «أخبرنا»، وذلك لعدم الفرق بينهما عنده، ومنهم من فرّق بينهما كمسلم، فإنه كثيرًا ما يحوِّل في الإسناد لأجل التنبيه على تغاير لفظي التحديث والإخبار فقط.

ثم إنهم اختلفوا في القراءة على الشيخ هل تساوي السماع من لفظه أو هي دونه أو فوقه؟ فذهب مالك وأصحابه ومعظم أهل الحجاز والكوفة والبخاري إلى التّسوية بينهما. قال السَّيوطي: وعندي: هؤلاء إنما ذكروا المساواة في صحة الأخذ بها ردًا على مَنْ أنكرها لا في اتحاد المرتبة، وحُكِي ترجيح السماع عليهما عن جمهور أهل الشرق. قال النووي: هو الصحيح. وحُكِي ترجيح القراءة على السماع عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى.

قلت: وفي «بستان المحدثين»: عن محمد بن شُجَاع الثَّلْجي، لأبي الليث السمرقندي، أنهما سِيّان عنده، إلا أن محمد بن شُجَاع يُرْمى بالاعتزال. ويُعلم من «الموطأ» أن الإخبار أرجح من التحديث عند مالك، على عكس ما يُستفاد من «الموطأ» لمحمد ثم إن أكثرهم اتفقوا على أن التحديث يدل على السماع.

قلت: قد لا يدل عليه كما في حديث مسلم، في حديث الدجال: «إن الدجال يَقْتُل رجلًا فيقطعه جَزْلَتَيْن، ثم يُحييه فيسأله عنه، فيقول الرجل: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم .. إلخ»، فدلّ على أنه يُستعمل عند عدم السماع أيضًا، إلا أن يكون هذا الرجل خَضِرًا، لكن كونه خَضِرًا غيرُ منصوص في المتن.

٥ - باب طَرْحِ الإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ

٦٢ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِى مَا هِىَ». قَالَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِى شَجَرِ الْبَوَادِى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «هِىَ النَّخْلَةُ». أطرافه ٦١، ٧٢، ١٣١، ٢٢٠٩، ٤٦٩٨، ٥٤٤٤، ٥٤٤٨، ٦١٢٢، ٦١٤٤ - تحفة ٧١٧٩

٦٢ - قوله: (مَثَلُ المسلم ... إلخ) ووجه الشبه أن النخلة لا تنمو بعد قطع رأسها كالإنسان، ويكون فيها ذَكَرٌ وأُنثى وتلقح. حتى رأيت في بعض الروايات التي لا يُعْبَأ بها أنها عمة بني آدم، فإنها خُلِقت من بقية طينته. أما كونها كالمسلم فلكونها غير مُضِرّة بجميع أجزائها، كالمسلم يجيء بالسلامة لا غير، والأمر في باب التشبيهات سهلٌ بعدُ، فلا ضيق.

٦ - باب مَا جَاءَ فِي الْعِلْمِ

وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>