فإن قلتَ: إذا كان بين الصحابة المنافقون، والمُخْلِصُون، ولم تتميَّز إحدى الطائفتين من الأخرى، فكيف أمرُ الدين، الذي بَلَغَ إلينا؟ قلتُ: قد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَعْلَمُهُمْ، وكذا بعضُ الصحابة رضي الله تعالى عنهم. إلَّا أن المصلحةَ لم تَكُنْ بإِفشاء سرِّهم، فَتُرِكُوا على إبطانهم، وحسابُهم على الله.
٤٣٣٧ - قوله:(أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وغَطَفَانُ وغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ)، وهذا على عادتهم، فإنَّ العربَ كانوا يَذْهَبُون في الحروب بنَعَمِهِمْ أيضًا، لِيَشْرَبُوا من أَلبانها.
٥٩ - باب السَّرِيَّةِ الَّتِى قِبَلَ نَجْدٍ
٤٣٣٨ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَكُنْتُ فِيهَا، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا. طرفه ٣١٣٤ - تحفة ٧٥٣١
٤٣٣٨ - قوله:(ونُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا) واخْتُلِفَ في النَّفْلِ أنه من الخُمُسِ، أو الغنيمة. ويَجُوزُ التنفيل عندنا من الغنيمة أيضًا قبل أن تُحْرَزَ إلى دار الإِسلام، ولا يَجُوزُ بعده إلَّا من الخُمُسِ. ومن قَصَرَهُ على الخُمُسِ، فقد رَكِبَ على جبلٍ وَعْرٍ. ثم إن الحافظَ قد تصدَّى إلى بيان العدد المجموع، فَذَكَرَهُ، ولعلَّه أَخْرَجَهُ من طريق الحساب، وإلَّا فلا روايةَ فيه صراحةً فيما أعلم. والله تعالى أعلم.
٦٠ - باب بَعْثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ
٤٣٣٩ - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَحَدَّثَنِى نُعَيْمٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِى جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ صَبَأْنَا، صَبَأْنَا. فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِى، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِى أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَاهُ، فَرَفَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». مَرَّتَيْنِ. طرفه ٧١٨٩ - تحفة ٦٩٤١
٤٣٣٩ - قوله:(صَبَأْنَا)، أي خَرَجْنَا عن ديننا، وقد مرَّ في أوائل الكتاب: أن الصَّابئين من هُمْ؟ وقد غَلِطَ فيه الحافظُ ابن تَيْمِيَة، فَسَهَا في شرح الآية أيضًا، كما مرَّ. وأصاب فيه الجصَّاص في «أحكام القرآن».