ينفعكم. فالموجبُ للنارِ في الصورة الأولى إمساكُ شقِّ التمرة، والنجاة بأدائها. والموجب لها في الصورة الثانية معاصيه التي اقترفها. وشقُّ التمرة لتخليص نفسه عنها.
فالحاصل أن فيه أن التصدق بمثل هذه مفيدٌ لدفع النار، وليس فيه أن عدمَ التصدق به يُوجب النار، وبينهما بَوْن بعيد (١) فبكلمة طيبة (شرافت كا كلمه)، يعني: كلمة الشرافة.
قوله:(وتثبيتًا من أنفسهم)(ثابت قدمى - جى كى حوصله وإلا أندرسي دكماكاتا نهين) تحامل: حمل الوِقر بالمشقة.
١١ - باب أَىُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ، وَصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ
أي الحريص على المال. واعلم أن القياسَ يقتضي أن لا تعتبرَ الوصيةُ أصلا، لأنه لمّا أشرَف على الموت خَرَجَ المالُ عن مِلْكِهِ، وتحوَّل إلى مِلك الورثة، لكن الشرعَ منَّ علينا، فاعتبرها في الثلث، فهي من المَبَرَّات لا غير.
١٢ - بابٌ
١٤٢٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا قَالَ «أَطْوَلُكُنَّ يَدًا». فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ. تحفة ١٧٦١٩
١٤٢٠ - قوله:(أينا أسرعُ بك لحوقًا)، كأنهنَّ كنَّ على طمعٍ من أن يلحقْنَه أولًا.
(١) يقول العبد الضعيف: وبمثله أجيبَ في حديث تخليل الأصابع: "خللوا أصابعكم، كي لا تخللها نار جهنم" فإنه يُشعر بالوجوبِ. والجواب: أن فيه أن التخليل يدفعُ النار، لا أن عدم التخليل يوجب النار. ليفيد الوعيد، ولا يلزم من كونِ التخليل دافعًا للنار كونه واجبًا، فإن المستَحَبات أيضًا تدفع النار، فشِقُّ التمرة لا يجبُ إنفاقه، فإن أنفقته يدفع النار عنك إن شاء الله تعالى. هكذا ذكره الشيخ ابن الهُمام رحمه الله على ما أذكر.