للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما زاد لفظ الشحوم، لأنها كانت حُرِّمت عليهم، فهل تسري تلك الحرمة إلى ذبيحتهم أيضًا أو لا؟ فقال: لا، لأن الذكاةَ تستدعي الأهليةَ في الذابح، لا الحِلَّة في حقه أيضًا. وفيه إشعارٌ بأن المشرع المحمديَّ يتحملُ وجود الكتابي.

قوله (١): ({وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ}) أي شريعة الإِنصافِ تحكُم أنْ يقولَ أهلُ الكتاب بحِليَّة ذبيحتنا أيضًا، إذا قلنا بحِليَّة ذبيحتهم، فهذه نَصْفة، سواء عملوا بها، أو لا. وحينئذ لا يرد أنه ما الفائدة في قوله: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} لأنهم لا يَدِينُون بشرعنا، وذلك لأنه على طريقِ عرض خُطة عدل التي ينبغي أنْ يَعدِلَ إليها كل ذي مُروءة، كما وقع في صُلح الحُدَيْبِيَة، من رد مهورِ النِّساء اللاتي هاجرن إلى دار الإِسلام، أو ذهبن إليهم من نساء المسلمين، فكان هذا الشرطُ على ما يقتضيه العدل والإِنصاف. فإِنا إذا نردُّ إليهم ما أنفقوا على نسائهم، فما لهم لا يردون إلينا ما أنفقنا على نسائنا؟! فهذا الاشتراط أيضًا كان على الفطرة السليمة، وإنْ لم يفُوا بها.

قوله: (وقال الزهري) ... إلخ، يقول: إنه لا فرقَ بين العرب، وبني إسرائيل، إذا كانا نصرانيَّين، فتحل ذبيحتهما.

قوله: (لا بأس بذبيحة الأقلف) رفعُ توهم - عسى أن يُتوهم - أنَّ في الذكاة شرط المِلة، والأقلفُ يخالف ملتَه، فينبغي أن لا تجوز ذبيحته.

٢٣ - باب مَا نَدَّ مِنَ الْبَهَائِمِ فَهْوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ

وَأَجازهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسِ: ما أَعْجَزَكَ مِنَ البَهَائِمِ مِمَّا في يَدَيكَ فَهُوَ كالصَّيدِ وَفي بَعِيرٍ تَرَدَّى في بِئْرٍ: مِنْ حَيثُ قَدَرْتَ عَلَيهِ فَذَكِّهِ. وَرَأَى ذلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ.

٥٥٠٩ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ «اعْجَلْ أَوْ أَرِنْ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَىْءٌ، فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا». أطرافه ٢٤٨٨، ٢٥٠٧، ٣٠٧٥، ٥٤٩٨، ٥٥٠٣، ٥٥٠٦، ٥٥٤٣، ٥٥٤٤ تحفة ٣٥٦١ - ١٢١/ ٧

٥٥٠٩ - قوله: (أعجل أو أرن) وأصله: إئرن، فصار بالتعليل: إيرن، وإن كتبوه: أرن.


(١) وراجع له "بداية المجتهد" من: ص ٢٨٤ وص ٣٨٥ - ج ٢. فقد فصل فيه تفصيلًا حسنًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>