قوله:(فأخبرتني عائشة)، قلتُ: وهذا لا يردُ عليه، لأنَّ كلامَه في المفرد، وهذا للقَارِن. فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان قارنًا، ولكن السَّلفَ لم يكونوا يتعمقون هذا التعمق. وكان من دأْبهم أنهم إذا وجدوا فعلا في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلّم أتوا به، وإن غاير يسيرًا.
قوله:(ثم لم تكن عمرة) أي مُتميِّزة عن الحج. وقد مرّ مني التنبيهُ على أنَّ الرواة يعتبرونها عند تميُّزِها من الحج، والحِل بعدها.
قوله:(فلما مسحوا الركن حلوا) ... إلخ، ولا دَخْل لهذه القطعة في رد ابن عباس، إنما ذكرها استطرادًا. ثم ههنا إشكالٌ، بأن الحِلَّ لا يكون بعد المسح، بل بعد السعي. وأجاب عنه الجمهور أنَّ المعطوفَ محذوفٌ، أي مسحوا الركن وسعوا. قلتُ: مسحُ الركنِ كنايةٌ عن الفَرَاغ، كما يدل عليه قوله:
*ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح
*وشدت على دهم المهارى رحالنا ... ولم ينظر الغادي الذي هو رائح
١٦١٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَشْتَكِى. فَقَالَ «طُوفِى مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ، وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ». فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ يُصَلِّى إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، وَهْوَ يَقْرَأُ {وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢)} [الطور: ١ - ٢]. أطرافه ٤٦٤، ١٦٢٦، ١٦٣٣، ٤٨٥٣ - تحفة ١٨٢٦٢
يعني لم يكن بين طوافِ الرجال والنساء امتيازٌ باعتبار الوقت، بل كان باعتبار المكان، فكان الرجال يطوفونَ بالبيت قريبًا منه، وكانت النساء يطفن مِنْ حولهم. وإذن دائرتُهنَّ تكون أوسع.