للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالقيام»، وتصدَّى الحافظُ رحمه الله تعالى إلى التوفيق بينهما. واختار الشيخُ العَيْني رحمه الله تعالى أنهما واقعتان قاموا في واقعةِ، ثم أُمِرُوا بالقُعُود، واتَّفَقَ بعدها أن سَلُّوا خلفه أيضًا، وقَعَدُوا فيه من أول الأمر، وهو الأرجح عندي.

قوله: (وإذا قال: سَمِعَ اللَّه لمن حَمِدَه، فقولوا: رَبَّنَا ولك الحمدُ) واعلم أن الشَّرْعَ لم يقسم في الصلاة إلا في موضعين: الأول: في القراءة، فَجَعَلَ للإِمام القراءةَ، وللمقتدي التأمينَ. والثاني: في التسميع والتحميد. فالإِمامُ يقضي وظيفته أولا، وهو قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّآلّينَ}، وهذا هو وظيفةٌ من جهة الإمامة، ثم يَلْحَقُ بسائر المصلِّين، ويُؤَمِّنُ معهم إحرازًا لفضيلة التأمين، والموافقة معهم ومع الملائكة. ولذا يُؤَمِّن خُفْيَةً كأنه من فعله، مع أنه قرأ جهرًا. فالقراءةُ جهرًا من وظيفته، فأراد إسماعها وأمَّا التأمينُ، فليس من وظيفته، فأدَّاه سِرًّا لنفسه، كما أن المقتدين أمَّنوا لأنفسهم. وذلك لأن الأذكارَ كلٌّ فيها أمير نفسه، ولم يُرَاع فيها شاكلة الجماعة، فيستقلُّ بها كلُّهم.

والموضع الثاني: هو التسميع، فالتحميدُ للمقتدين، والتسميعُ للإِمام، وهو المذهب عندنا في المشهور، وهو في عامة الروايات، وهو مذهب مالك رحمه الله تعالى. وعنه في روايةٍ: الجمعُ وهو مذهب الصاحبين، واختاره شمس الأئمة الحلواني، ومحمد بن الفضلِ، والنَّسَفِي وغيرهم وهو أيضًا جائزٌ عندي، وتَشْهَدُ له الروايات على سبيل القِلَّة والعجبُ أن الروايةَ المشهورةَ عن الإمام في الروايات المشهورة، والروايةَ النادرةَ عنه في نادرةٍ من الروايات. فكأن القولَ المشهورَ نشأ نظرًا إلى عامة الروايات، ولمَّا جاء الجمعُ أيضًا في بعض الروايات جاءت روايةٌ عنه أيضًا كذلك.

قوله: (إنما يُؤْخَذُ بالآخِرِ فالآخِرِ)، وهذا تصريحٌ من المصنِّف رحمه الله بالنَّسْخ، وقد صرَّح به في موضعٍ آخر، وصرَّح هناك الحافظ رحمه الله: أن مقتضى الأدلة استحباب القُعُود خلف القاعد، ولا دليلَ على الوجوب. قلتُ: وإذا انتفى الوُجُوب على تصريح الحافظ رحمه الله، فلا ريبَ أن الأحوطَ هو القيام، لأنه ذَهَبَ إليه الإمامان الجليلان. وعندنا: العملُ بما عَمِلَ به الأئمة والأُمَّة أَوْلى.

٥٢ - باب مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ

قَالَ أَنَسٌ فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا.

٦٩٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِى الْبَرَاءُ - وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ. طرفاه ٧٤٧، ٨١١ - تحفة ١٧٧٢

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ نَحْوَهُ بِهَذَا. تحفة ١٧٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>