للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهبة مِنْ أمْرِهِ قَبْلَ هجوم الصُّبْ عليه، فهو يُصلِّي صلاةَ اللَّيل وينوي في آخرها ما قد تَعلَّمه وحَفِظَه وترًا في الهيأة مَنْ أوَّل الأمر، وهذا يَكْفِي في أمر النِّيةِ أي كفاية.

وأمَّا فَرْض أَنَّهُ فَرْض أَنَّهُ يُصلَّي ذَاهِلا عَنْ أَمْرِ والتر فإِذَا هَجَمَ الصُبح ولم يَبْقَ إلا مِقْدَارَ رَكعة بادَر إلى والتر، فَهَذَا فَرْض لا يقع في العمر مرة فخشية الصبح وإدراكه المُصلي طريقة بيان فقط، ونحو التعبير يأتي في تعليم من لا يَعْلم هكذا إلا أنَّهُ يُجزيه كذلك كل يوم فِي عُمْرِهِ ويستعمله طُول دَهْرِهِ.

٤٧٢ - قوله: (واجعلوا آخر صلاتِكم) ... إلخ على اللَّغة الصَّرْفَة، ولم يرد بالوتر الصَّلاة المعهودة المُتَمَيرة باسمِ على حِدَة، وإلا لَقَالَ اجعلوا الوتر آخِر صلاتِكُمْ، والأمرُ فيهِ على الاستحبابِ لا على الوجوبِ، فهوَ لَتَحْصِيلِ فضيلة الإِيتار في الآخر، وإنَّ الله وتر يحبُ الوتر، وَحَمَلَهُ بعضُهم على ظاهره حتى ثال بنقضِ الوتر، فَمَنْ كانَ لأتر في أول الليل. ثم استقيظَ فِي آخره وبدا له أَنْ يُصلِّي صلاةَ الليلِ، عليه أَنْ يَنْقُضَ وِتْره برَكْعة ثم يُتر في آخرِ صلاتَهُ لأجل هذا الحديثِ. وقد عَلِمت أنَّ الآخِريَّة مطلوبة لكن لا بحيثُ يُوجب نَقْض المُؤَدَّى، وكذلك لا يذهب وَهَلَك إلى أنَّ الوتر لمحض محبة الإِيتار وليست صلاة بَرَأْسِهَا، فإذا لم تجب صلاةُ الليلِ كيف تجب الوتر لأَنَّهَا صارت صلاة برأسها أيضًا، كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلّم «إنَّ الله أَمَدَّكم بصلاةٍ هي خير لكم منن حُمْر النِّعم» وأَمَرَ غير واحد منالصحابةِ أنْ يُصلُّوها بعد العشاءِ إذا لم يثقوا بالانتباه في آخرِ الليل، فدلَّ على أنَّهَا صلاة مستقلة كوتر النَّهَارِ وهي صلاةُ المغرب، وإنَّما اشتبه الأمرُ ولم يَتَمَيَّز إذا كانت فِي آخرِ صلاة الليل وعُدَّت من سلسلتها، وأما إذا نُقلت إلى أول الليل تميزت عن غيرِهَا كما تميزت بإِفراد قرابتها ورَكَعاتها وقضائها (١).

٨٥ - باب الاِسْتِلْقَاءِ فِى الْمَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ

٤٧٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَلْقِيًا فِى الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ. طرفاه ٥٩٦٩، ٦٢٨٧ - تحفة ٥٢٩٨، ١٠٤٤٦، ٩٨٠٤

وإنَّما نهى عنه لِمَخَافَةِ الانكشاف إذا لم يَتَحفَّظ أمره، فإن كان متيقظًا متحفظًا لحاله جاز، ومِنْ عَلِمَتَ أنَّ الحكم في الشريعة قد يَرِدُ على علة ولا سجب تحققها في كلِّ فَرْدٍ، نعم يجب في الجنسِ أو النَّوعِ المنضبط، وقد يَنْقَسِم الحُكم على العِلَّةِ كَمَا تَرَى ههنا في الاستلقاء.


(١) قلت: هذه عدة مباحث التقطتها من رسالة كشف الستر عن مسألة الوتر للشيخ رحمه الله تعالى على ما أدى إليه فكري مع إيضاح وبيان من عندي، وأين النقل من الأصل فإن كنت تريد البسط فراجعها وإنما لم أنقلها بألفاظها ليكون أسهل تناولا للطلبة أهـ. وسائر مباحثه فسنذكرها في باب الوتر إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>