قوله:(قَاسَمهُما حَلَف لهما، ولم يَحْلِفَا له) يريدُ أنَّ المفاعَلةَ ههنا ليست للشَّرِكة، بل للتعدِيةِ فقط.
٤٧٠٥ - قوله:(فآمَنُوا بِبَعْضِه) وقد يدورُ بالبالِ أنَّ الدوران في التقليدَ بين الأئمة أيضًا يَدْخُل فيه، فإِنَّ مَثَلَه مَثَلُ مَنْ جمع بين عدد التسبيحاتِ الوارد، فجعل يقرأ أحدى الكلماتِ خَمْسًا وعشرين، وأُخْراها ثلاثًا وثلاثين، ثُم زعم أنه عَمِل بكلِّها، مع أنه باطل. لأنه أراد أن يعمل بكلَ منها، ولزِمه أن يَتْرك كُلَّها، فهكذا مَنْ جعل يَدُور في المذاهب الأربعة، فيعمل بهذا في جزء، وبهذا في جُزءٍ آخَر. فلا أَجِد مَثَلَه إلا كَمَثَل مَنْ جمع بين عدد التسبيحات. والسرُّ فيه أنَّ المسائلَ الاجتهادية قد تُبْنى على أصولٍ متعارِضة بين الأئمةِ، ومَنْ لا خبرةَ له بتلك الأصولِ، ويَنْظُر إلى سَطْح تلك المسائل، فيراها غيرَ متعارضةٍ، فيعمل بتلك مرةً، وبهذه أخرى، ولا يَدْري أنه بالعملِ بهما قد وقع في وَرْطَة التعارض من حيثُ لا يدريه. نعم مَنْ كان له مَلَكةٌ بأُصولهم وتَنبُّه تامٌّ، فيجوزُ له أن يتخيَّر مِن المسائل ما يشاء، ويعمل بما رآه أَقْرب إلى الحديث، وأَنَّى هم اليوم بِفُرُوعهم، وليس عندي فَنُّ أَصْعبَ مِن الفِقْه، حتى أنِّي في الفنونِ كلِّها ذو رَأْي وتجربة، أَحْكم بما أريد، وأنتخب من أقوالهم ما أريد، وأفْترع الآراء من عندي لا أحتاج إلى تقليد أحد،