للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علاجٌ غير الرقية. أما العين فكثير منهم ينكرونه ولا يحسبونه شيئًا مؤثرًا (١). وأما الحمة، فإن كان لها علاج عندهم، لكنه لا يتيسر لكل أحد ويتألم المرء من الحمة تألّمًا شديدًا والرقية تؤثر فيه على ما شَهِدت به التجربة.

قوله: (لا يسترقون) والأحسن في ترجمته "منتر" لكون الرقية ههنا في سياق النفي.

قوله: (ولا يتطيرون) وكرهه الرشرع، واستحب الفَأْل (٢)، لأن من تفاءل، وأحسن ظنه بربه، يُرجى له أن يُعامل معه ربه حسب ظنه، فإنَّه عند ظن عبدِه به.

قوله: ({وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}) فالتوكل هو الدعامة في هذا الباب وقد قدمنا من تقسيم الغزالي في الأسباب. أن النوعَ الذي يترتبُ عليه المسبب ضرورةً عادة، كالأكل للجوع، يجب عليه مباشرتها، والتوكل فيها بأن يتركها معصية. وأما النوع الذي تترتب المسبَّبَات عليه غالبًا، فتركه ليس بضروري أيضًا، كالدواء للمرض بقي النوع الذي قد يترتب عليه المسبب، وقد يتخلف عنه، فهذا مما يعدُّ تركُه توكلًا.

ثم التطير مكروه في نفسه أيضًا، مع قطعِ النظر عن كونه خلافَ التوكل. ثم رأيتُ نقلًا عن أحمد أن تركَ الأسباب أصلًا ليس من التوكل في شيء، وفي حديث ابن ماجه: «إنكم لو توكلتم على الله حقَّ التوكل، لغدوتم خِماصًا، ولرحتم بِطَانًا، كالطيور» - بالمعنى - وهذا يدل على العبرة بهذا النوع أيضًا. فلم أزل أترددُ فيه حتى رأيت عن أحمد أن الطيورَ أيضًا تباشر الأسباب، فيطيرون في طلب الرزق، غير أن أسبابَ طلبِ الرزقِ ليست عندهم، مثلُها عندنا، ولكنهم لا يتعطَّلون عن مباشرة الأسباب التي تليق بشأنهم، وهي الطيران مثلًا. وحينئذ اندفع الإِشكال. ومع هذا أقول: إن ترك الأسبابِ مطلقًا أيضًا نوع من التوكل، لكنه توكل أخصِّ الخواص.

١٨ - باب الإِثْمِدِ وَالْكُحْلِ مِنَ الرَّمَدِ

فِيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ.

٥٧٠٦ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّىَ زَوْجُهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنَهَا، فَذَكَرُوهَا


(١) وراجع له "زاد المعاد" من باب الطب، فإنه بسط فيه الكلام، وحقق تأثيرها، وأثرها، وأجاد فيه.
(٢) قال الخَطَّابي: قد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الفأل إنما هو أنْ يسمعَ الإِنسانُ الكلمة الحسنة، فيفأل بها، أي يتبرك بها، ويتأملها على المعنى الذي يُطابق اسمها، واستحب الفأل بالكلمة الحسنة يسمعها من ناحية حسن الظن بالله اهـ ص ٢٣٥ - ج ٤. "معالم السنن" مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>