ويَجُوزُ بيعُ الحيوان بالمتعدِّد عندنا، لأنه ليس من الأموال الرِّبَوِيَّة، وهو قيميٌّ، وليس بمثليَ. أمَّا إذا كان نَسِيئةً، فلا يجوز عندنا، سواء كان من الطرفين، أو عن طرفٍ. وخَالَفَنَا الشافعيُّ في الثاني. قُلْنَا: إنه قيميٌّ، فلا يَصْلُحُ أن يكونَ واجبًا في الذِّمَّةِ، ولا بُدَّ من كونه مشارًا إليه، بخلاف المثليِّ، فإنه يَصْلُحُ أن يكونَ واجبًا في الذِّمَّة. ولنا ما أخرجه الترمذيُّ، وصحَّحه:«نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نَسِيئةً». قال الشافعيةَ: هذا إذا كان نسيئةً من الطرفين. قال مولانا شيخُ الهند: وهذا ليس بسديدٍ، لأن كون المناطُ نسيئةً من الطرفين لم يتعرَّض له في هذا الحديث، بل هو مدلولُ حديث النهي عن الكاليء بالكاليء. وإنما المناطُ في هذا الحديث كون الحيوانُ من الطرفين، مع كون واحدٌ منهما نسيئةً. وإرجاعُ هذا إلى ذلك إلغاءٌ لأحد الحديثين، وحملُ الحديثين على المعنيين أَوْلَى.
قوله:(واشترى ابنُ عُمَرَ راحلةً بأربعةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عليه، يُوفِيها صَاحِبَهَا بالرَّبَذَةِ)، قوله:«مَضْمُونَةٍ عليه» يعني (دَين دارهى أون أونتوكا). قلتُ: والظاهر أن الأَبْعُرَةَ كانت متعيِّنةً موجودةً. نعم القبضُ عليها كان بالرَّبَذَةِ، فهذا تَرَاخٍ في القبض، وليس البيعُ نسيئةً.
قوله:(وقال ابنُ سِيرِينَ: لا بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ، ودِرْهَمٌ بدرهم نَسِيئَةً). قلتُ: إن بيعَ الدِّرْهَم بالدِّرْهَمِ نسيئةً حرامٌ بالإِجماع، ولم يَشْرَحْ أحدٌ منهم ما أراد به ابن سِيرِين. والوجهُ عندي أن يُقَالَ: ءن قوله: «نسيئة» يتعلَّق بالبعير والبعيرين، دون بيع الصَّرْف، فهو مطلقٌ، ولا ريب في جواز بيع الدرهم بالدرهم. والذي صَرَفْنَا إليه قول ابن سِيرِين أَوْلَى من أن يُحْمَلَ على ما يُخَالِفُ الإِجماع.
(١) قلتُ: وفي -مذكرةٍ أخرى عندي عن الشيخ: أن الأمرَ ببيعها لم يَكُنْ لبني النَّضير، فإن أراضيهم كانت فَيْئًا، وهو لله ورسوله. وترجمةُ المصنِّف مُبْهَمَةٌ، لا يَنْفَصِلُ منها شيءٌ، فليحرَّر.