١٢٧٨ - قوله:(نُهِيْنَا عن اتِّباع الجنائز، ولم يُعْزَم علينا) ... إلخ. كيف أشارت إلى المراتب في النهي، فدلت على أنه ليس بنهي عَزْم وإن كان مطلوبًا، وتلك المراتب لا يُدْرِكُهَا العلماء، ومنهم مَنْ لا يكاد يفهمه، فسبحانَ اللَّهِ ما أعلم وأَزكى نساء زمانه صلى الله عليه وسلّم حيث سبقوا على أُولي العِلْم ببركة صُحبة نبيِّنّا صلى الله عليه وسلّم.
تنبيه: قد سبق معنا فيما مرَّ أنَّ لَفْظَ الاتباع بمادتِه أَقْرَبُ إلى الحنفية، وأَعْدَلُ الأقوال عندي أن لا يُؤخذ بالألفاظ بتلك الشدة. فإنَّ رعايةَ الحقيقة والأَخْذَ بها بهذه المثابةِ، إنما يليقُ بِشَأَنِ القرآن العزيز، فلا ينبغي الجمودُ عليه في باب الأحاديث، ولا تُبنى عليه المسائل فإن الاتباع في العُرف يُستعمل في الأمور الحِسيَّة والمعنوية كليهما. ويطلق على المشي مع أحدٍ مطلقًا، تقدم أو تأخر. وحينئذٍ لا يكون لفظُ الاتِّباع دليلا لنا وإن صَلَح لغةً.
قوله:((ألا فَزُورُوهَا)) وفيها روايتانِ عن إمَامِنا نقلهما الشَّامي: الأُولى إجازتُهَا للرِّجَال فقط، والأخرى الإجازةُ مطلقًا. والمختار عندي الجَمْع بينهما على أنهما ليستا روايتين عن الإمام رحمه الله، بل هما وجهتين لروايةٍ واحدةٍ في الحقيقة، فظنَّ أنهما روايتان مستقلتان. ولذا تصدَّى الشامي إلى الترجيح. والأمر عندي أن تقسم على التارات والحالات، فإن كانت صابرةً لا يُخْشى