أَشكلت الآيةُ من حيث تضمُّنُها مغفرةَ الشِّرْك أيضًا، فأَوَّلُوها بما لا أرضى به. وعندي أن الآيةَ ليس فيها حُكْمٌ بالمغرفة، بل بيانٌ لشأنِه تعالى، وإنْ لم يظهر في حقِّ المشركين، لسبق إرادةِ التَّعْذيب في حَقِّهم، وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «فإِنَّه لا صلاةَ لمن لم يقرأ بها» فهذا شأنٌ لها، ولو لم يتحقَّق في حقِّ المقتدي، وقد قررناه مِرارًا.
٢ - باب قَوْلِهِ:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الزمر: ٦٧]
٤٨١١ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الزمر: ٦٧]. أطرافه ٧٤١٤، ٧٤١٥، ٧٤٥١، ٧٥١٣ - تحفة ٩٤٠٤ - ١٥٨/ ٦
زعم أرسطا طاليس المَخْذُول، أن قُدرةَ الباري عز اسمُه منحصِرةٌ فيما تحت فَلَك الأفلاك، ثُم ذكر طولَه وعَرْضَه، فكأنه أراد أن يَذْرَع قُدرةَ العزيز الحميد، والعياذ بالله، وَيْلٌ له، ثُم وَيْل له.
٤٨١١ - قوله:(فضحك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم حتى بَدَت نواجِذُه، تصديقًا لقولِ الحَبْر، ثُم قَرَأَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}) وفيه إشكالٌ من حيث إِن قراءته صلى الله عليه وسلّم {وما قدروا ا} ... إلخ، يدلُّ على غوايَتِهم، وهذا يناقِضُ ما مرَّ من التصديق منه. قلتُ: إنه صَدَّقهم فيما يترشَّح من كلامهم من عظمتِهِ تعالى، وردَّ عليهم ما فيه من إساءةِ التعبير. وهذا كما سأل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم جاريةً عن اللَّهِ، فقالت: في السماء، فشهد بإِسلامِها، لأنه عَلِم