فالحاصل: أن الفَضْلَ لِلمذكور ههنا لهذا الذِّكْر. ولذا قال الفقَهاء: إنها ليست ضرورية عند الاحتضار، نعم لو ذَكَرِها تَحْصُل له هذه الفضيلةُ الموعدةُ إن شاء اللَّهُ تعالى. وفيه قِصة أبي زُرْعَة وأبي حاتم. بل قالوا: «إنَّ المحتضَرَ لو جَرَت على لسانِهِ كلمةُ كُفْرٍ لا يُحْكَم به، فإِنَّ الوقتَ وقتُ الشدة، لا يشعرُ الإِنسانُ بما يقول، ولا يدري بما يجري على لسانه. فلا يُحْكم عليه بشيءٍ في مِثْلِ هذا الأوَانِ.
ثم العبرةُ في كونها آخِرًا أن يتكلم بها ثُمَّ لا يتكلمُ بعدها بشيء (١) وإن بقي حيًا، فإِنَّه يَعُدُّ أنها من آخِر كلامه. نعم إذا قالها ثُم تكلَّم بكلمةٍ أخرى انتهت آخِرِيَّتُه فليُعِدْهَا وليقلها ثانيًا. والتلقينُ أيضًا لهذا المعنى، أي ليتنبَّه المحتضرَ ويتكلم بها ويصيرُ آخِرُ كلامه لا إله إلا الله. ولا يُشترطُ فيه قولُه: محمدٌ رسول الله، فإِنه ليس بِذِكْر وإن كان رُكْنَ الإِيمان، وقد فَصَّلناه في كتاب الإِيمان.
١٢٣٧ - قوله:(وإنْ زَنَى وإِنْ سَرَقَ) ليس المرادُ منه المؤمنَ العاصي، بل مَنْ كان زَنَى في زمنِ الجاهلية ثُمَّ أَسْلَم، فإِنهُ يغفر له ما قدَّم ويدخل جنَّة ربِّه إن شاء اللَّهُ تعالى.
وقد علمت ما حقُّ لَفْظِ الاتباع، وأنه أَقْرَبُ بمادَّتِه إلى نظر الحنفية، وأن الخلاف في المشي أمام الجنازة وخلْفَها في الأفضلية دون الجواز.
١٢٣٩ - قوله:(وإِبرارِ المُقْسِم) وهو إما أن يحلِف بِفِعْلِ الغير فإِذَن يكونُ بنفسِه حالِفًا
(١) رُوِي عن ابن المبارك أنه لما حضرَتْهُ الوفاة جعل رجل يلقنُه لا إله إلا الله وأَكثَر عليه، فقال له عبد الله: إِذا قلت مرةَ فأنا على ذلك ما لم أتكلم بكلام. اهـ. كذا في "جامع الترمذي" -ص (١١٢) ج ١ - .