والتيمم: القَصْدُ لأمر وقيع، والصعيد: من الصعود: ارتفع من الأرض، سواء كان مُنبتًا، أَو لا. ووافق فيه صاحب القاموس أبا حنيفة رحمه الله تعالى مع أنه يراعي مذهبه في بيان اللغة أيضًا، إلا أنه لم يجد ههنا بدًا من موافقته. وفي «الزُّرْقَاني»: وإنما سمَّى وجه الأرض صعيدًا، لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض.
نظرة وفكرة في أن أيّ الآيتين نزلت في التيمم
قال ابن العربي: هذه مُعضِلة ما وجدتُ لدائها دواء، لأنا لا نعلم أيَّ الآيتين عَنَتْ عائشةُ رضي الله تعالى عنها. قال ابن بَطَّال: هي آية النساء، أو المائدة. وقال القُرطبي: هي آية النساء، لأن آية المائدة تسمَّى آية الوضوء؛ وآية النساء لا ذِكْرَ فيها للوضوء. قال الحافظ رحمه الله تعالى: وظهر للبخاري ما خفي على جميعهم من أنَّ المراد بها آية المائدة بغير تردد لرواية عمرو بن الحارث إذ صرَّح فيها: فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} الآية [المائدة: ٦]، وأشار إليها البخاري فتلاها في الترجمة، لهذا قلت: وهو الأظهر عندي وإن ذهب ابن كثير إلى أنها آية النساء، وجزم به، لأن ما تمسك به في إسناده ربيع بن بدر، وهو ساقط وأخرجه الطحاوي أيضًا (١).
(١) قلت: وفي تذكرة أخرى عندي: ولعل مراد القاضي من المُعضِلة التي لم يجد لها دواء أنَّ آية التيمم إن قلنا: إنها نزلت قبل هذه الواقعة فلِمَ انتظروا وتركوا الصلاة في هذه الواقعة مع حكم التيمم عدهم من قبل؟ وإن قلنا: إنها نزلت في تلك الواقعة بخصوصها ولم يكن عندهم عِلمٌ من التيمم قبل ذلك، فلِمَ نزلت الآية الثانية، فإِنَّ التيمم قد عَلَّمته الآية الأولى فلا فائدة في نزول الآية الثانية، لأنه لا فرق بينهما إلّا بحرف واحد وهو {مِنْهُ}؟ قلت: وجوابه على ما ظهر لي أن آية التيمم التي تَعَلَّم الناسُ منها مسألة التيمم في آية النساء كما جزم به ابن كثير دون المائدة فإنها آخرها نزولًا وما استشهد به ابن كثير وإن كان في إسناده ربيع بن بدر وهو ضعيف إلّا أنه أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في مختاراته، وشرطه معلوم، فدلّ على ثبوتها عنده بإسناد آخر غير هذا الإِسناد فلا بأس بضعف هذا الإِسناد، لأنه تأيَّد بطريق آخر صحيح، إذا علمتَ هذا، فاعلم أن آية النساء إنما سيقت لبيان =