فقلنا به في محلٍ أَمْكَنُ القولُ به، مع أَنَّ فيه مَخْلصًا عن الزِّنا، وعن الحُكمِ بكونِ الأولادِ أولادُ زَنيَة، ثم رأيتُ جوابًا آخرَ عن الشيخِ في تقريرِهِ للترمذي عندي، أَنَّه يمكنُ أَنْ يكونَ من باب وصفِ الشيءِ بحالِ سببهِ، والسببُ لمَّا كان محظُورًا، أي اللحنُ في الحُجةِ، وصفُه بالنَّار، نظرًا إليه، وذلك مُسلَّمٌ عندنا أيضًا، وأمثالُ تلك التوسعاتِ في وصفِ الأشياءِ معروفٌ، ألا تَرَى أَنَّ النُّحاةَ قسَّمُوا الوصفَ إلى كونِه باعتبارِ حالِ نفسِ الشيء، وكونِه باعتبار متعلقه؛ وحينئذٍ حاصِلُه أَنَّكَ وإِنْ ملكتَ المالَ بعد القضاءِ، إلا أَنَّ سببه وهو اللحنُ في الحُجةِ، يستوجبُ النَّارَ، فكان الوعيدُ في الحقيقةِ وَصفَاً للسْبَبِ، لكنَّه وُصِفَ به المسبب على طريقِ ما قلنا، فَتَلَخَّصَ مِنَ المجموعِ ثلاثة أجوبة: الأول: أَنَّه من بابِ وصفِ المُسَبَّبِ بصفةِ السَّبَبِ. والثاني: أَنَّه من بابِ وصفِ الشيءِ بالنَّظرِ إلى الجِنْسِ. والثالث: أَنَّه منِ باب القضاءِ على طريق التَّحْكِيم، فإِنَّ القضاءَ قد يكونُ بالشاهدَيْنِ، وقَد يكون من يمين المُدَّعَى عليه، وهو المعروفُ في القضاءِ، أمَّا القضاء بشهادَةِ الوِجْدَان بعد سَماع حجةِ الخَصْمَينِ على طريقِ الأمورِ البينيةِ، فذلك بابٌ آخر، وهو أيضًا معروفٌ بين الناسِ، كقضاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على بعضِ الصحابةِ أَنْ يضع شطر دَيْنِه، واللهُ تعالى أعلم.