للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

*هم نَقَلُوا عني ما لم أَفِه بهِ ... وما آفةُ الأَخْبَارِ إلا رُواتُها!

فإنَّهم قد صَرَّحوا أَنَّ صاحبَهُ استوجبَ النَّار (١).

[١٠ - باب]

٦٩٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِىَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ». أطرافه ٢٤٥٨، ٢٦٨٠، ٧١٦٩، ٧١٨١، ٧١٨٥ - تحفة ١٨٢٦١

١١ - باب فِى النِّكَاحِ

٦٩٦٨ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَلَا الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ». فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ «إِذَا سَكَتَتْ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنِ الْبِكْرُ وَلَمْ تَزَوَّجْ. فَاحْتَالَ رَجُلٌ فَأَقَامَ شَاهِدَىْ زُورٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا،


(١) قلتُ: وحينئذٍ ساغَ لك أنْ تحمِلَ عليه الوعيدَ الوارِدَ في الحديث، فهو إِذَن على الفِعْل، لا أَنَّ القضاءَ لا يَنْفُذُ باطنًا، وسمعتُ مِنَ الشيخِ في -دَرْسِ الترمذي- أَنَّ الوعيدَ فيه يُمكِن أَنْ يكونَ على الجِنْسِ، ولا ريبَ أَنَّ هذا الفِعْلَ يستوجبُ النارَ في الجِنْسِ، كما في الأملاكِ المرسَلَةِ، فإنَّه لا يَثْبثُ له بقضائِه حقُّ، وهذا كما قَرَّرَ الشيخُ في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها، فإِنَّه وَصْفٌ لها بِحَسَبِ حُكْمِها في الجنس، وإِنْ لم يَتحقَّقْ في حقِّ المقتدي خاصةً، فهكذا لمَّا كان القضاءُ بشهادةِ الزُّورِ، قد لا يَنْفُذُ باطنًا، صحَّ أَنْ يُوصَف بالنَّارِ مطلقًا، باعتبارِ الجنسِ، تُخْويفَاً وتعظيمًا لأمْرِها، فإنَّها وإن تَخلَّفَ عنها مقْتَضاها لخصوصِ المقامِ، لكنَّها شيءٌ يُوجِبُ النَّارَ، فإِنَّ فاعِلَها لا يُمدَحُ عند أحدٍ، وإِنَّما الكلامُ إذا أَتَى بها، فهل لها أثَرٌ في الباطنِ، أمْ لا؟.
فقلنا به في محلٍ أَمْكَنُ القولُ به، مع أَنَّ فيه مَخْلصًا عن الزِّنا، وعن الحُكمِ بكونِ الأولادِ أولادُ زَنيَة، ثم رأيتُ جوابًا آخرَ عن الشيخِ في تقريرِهِ للترمذي عندي، أَنَّه يمكنُ أَنْ يكونَ من باب وصفِ الشيءِ بحالِ سببهِ، والسببُ لمَّا كان محظُورًا، أي اللحنُ في الحُجةِ، وصفُه بالنَّار، نظرًا إليه، وذلك مُسلَّمٌ عندنا أيضًا، وأمثالُ تلك التوسعاتِ في وصفِ الأشياءِ معروفٌ، ألا تَرَى أَنَّ النُّحاةَ قسَّمُوا الوصفَ إلى كونِه باعتبارِ حالِ نفسِ الشيء، وكونِه باعتبار متعلقه؛ وحينئذٍ حاصِلُه أَنَّكَ وإِنْ ملكتَ المالَ بعد القضاءِ، إلا أَنَّ سببه وهو اللحنُ في الحُجةِ، يستوجبُ النَّارَ، فكان الوعيدُ في الحقيقةِ وَصفَاً للسْبَبِ، لكنَّه وُصِفَ به المسبب على طريقِ ما قلنا، فَتَلَخَّصَ مِنَ المجموعِ ثلاثة أجوبة:
الأول: أَنَّه من بابِ وصفِ المُسَبَّبِ بصفةِ السَّبَبِ. والثاني: أَنَّه من بابِ وصفِ الشيءِ بالنَّظرِ إلى الجِنْسِ.
والثالث: أَنَّه منِ باب القضاءِ على طريق التَّحْكِيم، فإِنَّ القضاءَ قد يكونُ بالشاهدَيْنِ، وقَد يكون من يمين المُدَّعَى عليه، وهو المعروفُ في القضاءِ، أمَّا القضاء بشهادَةِ الوِجْدَان بعد سَماع حجةِ الخَصْمَينِ على طريقِ الأمورِ البينيةِ، فذلك بابٌ آخر، وهو أيضًا معروفٌ بين الناسِ، كقضاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على بعضِ الصحابةِ أَنْ يضع شطر دَيْنِه، واللهُ تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>