للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الواحدةَ عملٌ واحدٌ، فإذا اشترك فيه متعدِّدٌ، فلعلَّه يُوَزَّعُ أجرها عليهم، ويكون لكلَ منهم بقدر نصيبه من ذلك الأجر. فقال: إنه ليس كذلك، بل في الصدقة الواحدة أجورٌ بقدر عامليها. نعم فيها تفاوتٌ باعتبار أعمالهم، فمنهم من هو خازنٌ، ومنهم من هو مُنْفِقٌ، ومنهم من هو مالكٌ. ومن الخازن إلى المالك فرقٌ جليٌّ، فكذلك في أجورهم. ولكن يَحْصُلُ لكلَ منهم أجره، لا أنه يُعْطِي ذلك الأجر بنقصِ أجد أحدٍ منهم.

٢٠٦٦ - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ». أطرافه ٥١٩٢، ٥١٩٥، ٥٣٦٠ - تحفة ١٤٦٩٥

٢٠٦٦ - قوله: (عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ)، أي من غير أمره الصَّريح. فإنها إذا أَنْفَقَتْ مع منعه إيَّاها، لا يَحْصُلُ لها أجرٌ. إنما الأجرُ فيما إذا أَنْفَقَتْ من حَبِّها، مع أنه لم يأمرها زوجُها، وقد عَلِمْتَ أيضًا أنها إن تُنْفِقْ لم يمنعها زوجُها.

قوله: (نِصْفُ أَجْرهِ) ... إلخ، وهذا باعتبار أجر الرجل، فإن أجرَها الأصليَّ بالنسبة إلى أجر الرجل نِصْفٌ. أما المرأةُ، فلها تمام أجرها، والتنصيف بالنظر إلى أجر الزوج.

١٣ - باب مَنْ أَحَبَّ الْبَسْطَ فِى الرِّزْقِ

٢٠٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِىُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». طرفه ٥٩٨٦ - تحفة ١٥٥٥

٢٠٦٧ - قوله: (من سَرَّهُ أن يُبْسَطَ له رِزْقُهُ، أو يُنْسَأَ له في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)، ومعنى السببية بين الصدقة وزيادة العمر: أن لأقربائه وذوي رَحِمِهِ دَخْلٌ في وجوده، فإذا خَدَمَهُمْ وتصدَّق عليهم بُورِكَ في عمره.

والحاصل: أن لوجودهم دَخْلٌ في وجوده، فلمواساته أيضًا يكون تأثيرًا في زيادة عمره، بقيت مسألةُ طول العمر، فكلُّها في المواطن التحتانية. أمَّا في أم الكتاب، فالأمرُ واحدٌ بلا زيادةٍ ونقصانٍ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩)} [الرعد: ٣٩]، فالمحوُ والإِثباتُ في موضعٍ، والأجل المُسَمَّى في موضع آخر (١).


(١) قلتُ: وتقريره على ما فَهِمْتُه: أن للأشياء أسبابًا يكون لها دَخْلٌ وتأثيرٌ فيها، كالمرض مثلًا، فإن له أسبابًا وعِللًا، يترتَّبُ عليها وجودُه وعدمُه، وكذلك الصحة مثلًا. فَيُقَال: أكلنا ذلك الدواء فبَرِئنَا، وُيقَالُ لمن لم يأكله: إنه لو أكله لشَفَاه، ولكنه لم يَأكُلْه فمات. وعلى نظائر تلك الأسباب أسبابٌ معنويةٌ، ليس لنا بها خبرٌ. فنبَّه عليها الشرع، وقال: كما أن للشفاء أسبابًا ظاهرةٌ، كذلك له أسبابٌ باطنةٌ أيضًا. فكما يُقَالُ في تلك الأسباب: إن فُلَانًا أكَلَ هذا الدواء فَعُوفي، وفلانًا آخر لم يأكله فمات، كذلك يُقَالُ في الأسباب الباطنة: إن فُلانًا تصدَّق مثلًا، فَنُسِأَ له في عمره، ورُدَّ عنه البلايا التي لو لم يتصدَّق لابتلي بها، وفلانٌ لم يفعله فمات. =

<<  <  ج: ص:  >  >>