عند البَوْل والبَرَاز، فهداهم الله تعالى إلى القَصْد والسَّداد، ونهاهم عن التعمُّقِ بما لم يُكلَّفوا به، فإِنه جَهْلٌ وسَفَه، وليس من الاستحياء في شيءٍ. وقد يُفَسَّر أن المرادَ منه الانثناءُ المعنويُّ، وهو الانحرافُ عن الحقِّ.
قوله:(يَثْنون) من باب الافعيعال، فيكون {صُدُورُهُمْ} فاعلًا، لأن هذا الباب لازِمٌ أبدًا، ثُم إنه قيل: لا معنى للتستُّر مِن الله، فإِنه تعالى ليس يُحْجَبُ منه شيء، فاللباس والتعرِّي عنده سواء. وأجيب أنَّ معناه أنَّ الله تعالى يُحِبّ المستورَ، ويمقُت العُرْيان. وبالجملة هَدَى القرآنَ إلى أنَّ الإِفراطَ في تَحَفُّظ حدودِ الشَّرْع حَمَقٌ، كما أنَّ التجاوزَ عنها ظُلْم وعَسْف، ولما كان كَشْفُ العورةِ كبيرةً بين الناس، ومذمومًا في حال التخلِّي، فَلْيُقْتصر عليه، فَمَن زاد على هذا أو نَقَص فقد تَعدَّى وظَلَم، قال تعالى:{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٢٩].
٢ - باب قَوْلِهِ:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[هود: ٧]
أخبرَ الشَّرْع عن أَوَّل المخلوقِ أنه على الماء، والعرش، وأما الترتيب بين هذين ماذا هو، فلا عِلْم لنا. ثم إنَّه رُوِي عن ابن عباس أنَّ الله سبحانه خَلَق كلَّ شيء من الماء، وذلك إما بتلطيفه، أو بتكشيفه، فلا إشكال في الكُلّية. وبُرْهِن في الفلسفة الجديدة أن مادةَ العالم هي السَّدِيم (١)، وهو عندي قريبٌ من العَمادِ الوارد في الحديث: «كانَ في