للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦ - باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَسَاكِينِ وَإِيثَارِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالأَرَامِلَ، حِينَ سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ وَشَكَتْ إِلَيْهِ الطَّحْنَ وَالرَّحَى أَنْ يُخْدِمَهَا مِنَ السَّبْىِ، فَوَكَلَهَا إِلَى اللَّهِ

٣١١٣ - حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنَا عَلِىٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِسَبْىٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ فَقَالَ «عَلَى مَكَانِكُمَا» حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِى فَقَالَ «أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ». أطرافه ٣٧٠٥، ٥٣٦١، ٥٣٦٢، ٦٣١٨ - تحفة ١٠٢١٠

واعلم (١) أنَّ أربعةَ أخماسٍ من الغنيمة للغانمين بالاتفاق، بقي الخُمس، فقد تكفَّل القرآنُ ببيان مُستحقِّه، وذكرها في ستة، فخرجها الحنفية، على أن ذِكْر اسم الله تعالى لمجرَّدِ التبرُّك، بقي رسولُه، فسقط سَهْمُه بعد وفاته، وأما ذو قرابته، فإِنْما يُعْطون من أَجْل الفقر، وإذن لم يَبْق من الستة إلا ثلاثةٌ؛ وذهب مالكٌ إلى أنَّهم ليسوا بمستحقِّين، ولكنهم مصارِفٌ، فيصرِفُه الإِمامُ من ولايته كيف شاء، وكم شاء.

أمَّا الفيءُ فلم يذهب أحدٌ إلى إيجاب الخُمْس فيه، إلا الشافعيُّ (٢)، ولا خمْس فيه عند الجُمهور، فإِنَّه مالٌ حصَل بدون إيجافِ خَيْل، ولا رِكاب، فيستبدّ بِصَرْفه الإِمامُ، ولا يُخْرِج منه الخُمْس، ومذهبُ الشافعيِّ مرجوحٌ في ذلك. ولعلَّ المصنِّف رَجَّح مذهب مالك، واختار أن


(١) وبسط الخلاف فيه الحافظ العَيني، فراجعه في "عُمدة القاري".
(٢) قال ابنُ المُنْذِر: لا نعلم أحدًا قبل الشافعيِّ قال بالخُمس في الفيء. وقال أبو عمر في "التمهيد": وهو قولٌ ضعيفٌ لا وَجْه له من جهة النظر الصحيح، ولا أَثَر. وفي "العالم" للخَطَّابي. كان رَأيُ عمَر في الفيء أن لا يخمس، لكن يكونُ لجماعةِ المسلمين لمصالحهم، وإليه ذهب عامةُ أهل الفتوى غير الشافعي. وفي "قواعد ابنِ رُشْد" قال قوم: الفيءُ يُصْرف لجميع المسلمين؛ الفقير، والغني، وُيعْطي الإِمامُ منه، المقاتلة، والوُلاة، والحكام، وينفق منه في النوائب التي تنوب المسلمين، كبناء القناطر، وإصلاح المساجد، ولا خُمس في شيء منه، وبه قال الجمهور؛ وهو الثابت عن أبي بكر، وعمر. ولم يقل أحدٌ بتخميس الفيء قبل الشافعي، وإنما حمله على ذلك أنه رأى الفيءُ قُسِم في الآية على عدد الأصناف الذين قُسِمت عليهم "الغنيمة" فاعتقد أنَّ فيه الخُمْس، لأنه ظَن أن هذه القسمةَ مختصَّةٌ بالخُمس، وليس ذلك بظاهر، بل الظاهر أن هذه القسمةَ تخُصُّ جميع الفيء، لا جزء منه، ونُقِل عن "التجريد" للقُدوري أنه اتفق العلماءُ على ذلك، فمن قال بِتَخْميسها ابتدع، وخالف السنة والإجماع. اهـ "الجَوْهر النقي" ملخصًا ومختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>