واعلم أن المصنِّفين الذين جمعوا الأورادَ، والأذكارَ، لم يتعرَّضُوا إلى هذا التكبير، مع أنه ثابتٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في خيبرَ، وكذا عن ابن ماجة:«فتح القسطنطينية بصوت التكبير»، وكذا في «مستدرك الحاكم»«إنا حَمَلْنا عليهم بالتكبير». ونقل عن ابن جرير أن الأُمراءَ كانوا يكبِّرون دُبُرَ الصلواتِ، وما ذَكره ابنُ عباس انه ان يعرف انقضاءً الصلاةِ بالتكبير أيضًا يُحْتَمِله، إلا أنه لما لم يَجْرِ عليه التعامُلُ، ولم يأخذ به الائمةُ، فبقي احتمالا فقط، وقد حَقَّقنا مرادَه على وَجْه لا يُخالف عمل الأُمَّة، والائمةِ.
٢٩٩١ - قوله:(رَفَع النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَدَيْه)، وليس فيه رَفْعُ اليدين إلا في هذا الموضع، وسيعودُ المصنِّفُ إلى ذِكره، وينبه على أنه وهمٌ من الراوي؛ إلا أنَّ هذه العبارةَ ليست إلا في النُّسخة الاحمدية، وقد تَبِعها الحافظ في «الفتح» ثُم تمسَّك برَفْع اليدين هذا في تصفيفٍ آخر، فلا أدري ماذا وقع فيه حيث جرى في الكتابَيْن بالنَّحوين.
١٣١ - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِى التَّكْبِيرِ
٢٩٩٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ». أطرافه ٤٢٠٥، ٦٣٨٤، ٦٤٠٩، ٦٦١٠، ٧٣٨٦ - تحفة ٩٠١٧
قوله:(أربعوا على أنفسكم) ... الخ، فيه بيان لكون الجهر المفرط لغوًا، لأن الله تعالى ليس بغائب، ولا أصم ليحتاج إلى هذا الإتعاب، وليس فيه نهي عن الجهر، ولا ذم عليه.
وراجع البحث في رسالتي «نيل الفَرْقَدين» في أن المواد منه بَسْطُ التسبيح حالَ الهبوط، أو التسبيح في الوادي بعد البلوغ.