للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٨٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّى بِهِمْ، فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّى لأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. أطرافه ٧٨٩، ٧٩٥، ٨٠٣ - تحفة ١٥٢٤٧

واللفظُ يَحْتَمِلُ شرحين: الأول أن يَبْسُطَ التكبير ويَمُدَّه على الحركة الانتقالية بحيث يَعْمَرُ به الانحطاطُ كلُّه. والثاني: أن يُتِمَّ عدده. واللفظُ وإن كان أقرب إلى الأول، لكن مراد البخاريِّ هو الثاني، لأنه اشتهر عن بني أُمَيَّة أنهم لا يُتمُّون التكبير ويُنْقِصُون عدده، فلم يكونوا يَأْتُون به في الخفض، وكان يُقَال لمن كانوا يُتِمُّونهُّ: مُتِمُّ التكبير. فهذا اللفظ قد كان شاع عندهم في إتمام العدد. بقي أن بني أُمَيَّة لِمَ كانوا يتركونه في الخفض؟ فبعد ما عُلِمَ فسقهم، لا حاجةَ لنا إلى بيان منشأ أفعالهم. نعم، عن عثمان أيضًا مثله، وهذا الذي ينبغي أن يُطْلَبَ له تأويلٌ.

٧٨٤ - قوله: (صلَّى مع عَليَ رضي الله تعالى عنه) أي بالبصرة. ودلَّ الحديثُ على جريان التهاونُ في أعداد التكبير في زمن الراوي، ولذا يتعرَّض إلى أعداده وإتمامه، ومن ههنا تبيَّن شرح ما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم «أنه كان يُكَبِّرُ في كل رَفْعٍ وخَفْضٍ»، مع أنه ليس في القَوْمَةِ إِلا التسميع والتحميد، فإنه عمومٌ غير مقصود أراد به الرَّدَّ على من ترك التكبير عند الخفض، لا نفي التسميع، ومن غَفَل عنه اضْطرب لحلِّه، ونُقِلَ هذا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أيضًا. وظني أنه إذا لم يكن يُكَبِّرُ، لم يكن يَرْفَعُ يديه أيضًا، فإِن التكبيرَ والرفعَ قرينان، فإِذا تُرِكَ أحدهما تُرِكَ الآخر. ولعلَّ منشأ فِعْلَه ما عند أبي داود، في الجهاد: «وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وجيوشُه إذا عَلَوا شَرَفَا كبَّروا، وإذا هَبَطُوا واديًا سبَّحوا». ثم يقول الراوي: «وعليه وُضِعَت الصلاة»، أو كما قال.

قلتُ: وهذا اجتهادٌ من الراوي، مع مخالفته لجماهير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وإن سلَّمناه، فلنا أن نقول: إن التكبيرَ عند الانحطاط وإن كان في الخفض حَسَنًا، لكنه مُعْتَبَرٌ في القَوْمة شرعًا، لأن ابتداءه منها، فأصله في القومة وإن كان بَسَطه في الانحدار أيضًا، وهذا إبقاءُ التكبير دون ابتدائه، وحينئذٍ صارت شاكلته في الثنايا والصلوات واحدة. ولعلّ ابن عمر رضي الله تعالى عنه تَرَك الرفعَ بين السجدتين لمثل هذا، وإلا فهو ثابتٌ ثبوتًا لا مردَّ له، كما عَلِمْت سابقًا. ولما عَلِمْنَا أنه اجتهد في أمر التكبير، فتركه في بعض المواضع من اجتهاده، واختاره في البعض، خَفَّ رفعه أيضًا، وأمكن أن يكونَ ذلك أيضًا بنوعٍ من اجتهاده. لا أقول بالاجتهاد في نفس الرفع، حاشا وكلا، بل في اختياره وترجيحه على الترك، وإصراره عليه، وتَنْوِيهه بشأنه.

١١٦ - باب إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ فِى السُّجُودِ

٧٨٦ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>