هجان اللون لم تقرأ جنينا أي لم تجمع في رَحْمها ولدًا. ومن هذا الأَصل قُرءُ المرأةِ، وهو أيامُ اجتماع الدم في رَحِمها، فَسُمّي القرآن قرآنًا، لأنه يَجْمع السور، وَيضُمّها؛ وثالثها: قولُ قطرب، وهو أنه سُمي قرآنًا، لأنّ القارىء يكتبه، وعند القراءة، كأنه يُلقيه من فِيه أخذًا من قول العرب: ما قرأت الناقةُ سلى قط، أي ما رمت بوَلد، وما أسقطت ولدًا قط، وما طرحت. وسُمي الحيض قرء لهذا التأويل، فالقرآن يَلفِظه القارىء مِن فيه، ويلقيه، فسُمّي قرآنًا. يقول العبد الضعيف: وقال ابنُ رُشْد في "مقدّماته"، في بيان الأقراء ما هي: إنَّ القُرء مأخوذٌ من قَرَيت الماء في الحوض، أي جمعتُه فيه، والرَّحم يجمعه في مُدّة الطهر، ثُم يمجه في مدة الحيض، وموضع الخلاف إنما هو هل تَحِل المرأة بِدُخولها في الدمّ الثالث، أو بانقضاء آخره، فمن قال: إنّ الأقراءَ هي الأطهار، يقول: إنها تَحِل بدخولها في الدم، ومَنْ قال: إنَّها الحيض يقول: إنها لا تَحِل، حتى يتم الحيض. اهـ. قلتُ: ومعلومٌ أن الجَمْع لا يكون إلّا للخروج عَقِيبه، فالحيض يُجمع أَوّلًا، ثم يُطْرح ثانيًا، فَمِن ناظرٍ إلى أوّله، ومِن ناظِرٍ إلى آخِر حاله، ولذا نَبّه الشيخُ على أن الاختلاف فيه اختلافُ الأنظار، ما أدق نَظرَه رحمه الله تعالى، وإليه يُشير ابنُ رُشْد، والله تعالى أعلم بالصّواب، ومِن ههنا اندفع ما يقال: إن العِدّة تنقضي بمجرد دخولِ الحيضة الثالثةِ عندهم، ولا تنقضي عندنا حتى تَتِم، فبقي الخلاف.