قِنًا، وكذا يجوزُ إذا قال لمولاه: بِعْني، ورَضِي به المَوْلى لتضمُّنِه التعجيزَ، فلا يَرِد الحديثُ علينا، فَهُم حَمَلُوه على بَيْع المكاتِبَ، ونحن حملنان على مسألةِ التعجيز، وهذان نَظَران، ولكلِّ واحدٍ نَظَرٌ، وهو راعيه، فلا حُجَّةَ فيه لأَحَدٍ.
قوله:(وهو عَبْدٌ ما بقي عَلَيْه دِرْهِمٌ) وهو المسألةُ عندنا. وقد ذهب جماعةٌ إلى تَجزُّىء العِتْق في المكاتَب بِقَدْر أداء بَدل الكِتابة. فقال: إنه يعتق بِقَدْر ما أَدَّى، وله حديثٌ مرفوعٌ عند الترمذي (١) عن ابن عباس - وحَسَّنه أيضًا - قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «يؤدِّي المكاتَبُ بِحصَّة ما أدَّى دَيةَ حُرِّ، وما بقي دِيةُ عبد». قال الترمذيُّ: والعملُ على هذا عند بَعْض أهل العلم من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وأكثَرُ أهل العِلْم من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وغيرِم أن المكاتَب عَبْدُ ما بقي عليه دِرْهم، اهـ، ولم يعبأ به البخاريُّ، وأَسْقَطَه، ووضع المسألةَ ما هي عند الجمهور؛ قلت: ولم أَرَ أحدًا منهم أجاب عنه؛ وما ذكره الشيخُ عبدُ الحقِّ، فلا يُسْمِن ولا يُغني من جوعٍ.
٦ - باب إِذَا قَالَ الْمُكَاتَبُ: اشْتَرِنِي وَأَعْتِقْنِي، فَاشْتَرَاهُ لِذَلِكَ
واعلم أن الشِّراء بِشَرْط العِتْق مُفْسِدٌ للعقد عندنا. قلت: هذا في الحُكْم والقضاء؛ أما إذا كان من باب المروءةِ، فلا.
٢٥٦٥ - قوله:(دَعِيهم يَشْتَرِطُوا ما شاءوا)، وهذا ما الذي كنّا ننتظره، فإِنَّه صريحٌ في أن الأَمْر في قوله:«اشترطي»، لم يكن للاشتراط، بل للإلغاء، كما في الرواية، أي اشتراطُهم لَغْوٌ، فاشتريها أنت، ويكون الوَلاءُ لك.
...
(١) يقول العبد الضعيف: وقد كان الشيخ ذكر جوابه في -درس الترمذي- وقد فهمته إن شاء الله، ولكن ليس ههنا موضع بسطه، وإنما همنا ههنا بسط ما يتعلق بموضوع البخاري، أما أبحاث الترمذي، فليراجعها من تقاريره، وليس كل الصيد في جوف الفرى.