وعند الغروب شبه الساجد، وإليه أَشَارَ بعض الصوفية، وأجاد:
"*دون جشمي له خم شدا زهر ركوع ... خورشيد رخ كه سر بسجود است أينجا"
٣١٩٩ - قوله:({وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}) ... إلخ. قال البَيْضَاوِيُّ: إنها لا تَزَالُ تجري كذلك إلى يوم القيامة، فإذا دنا الأجلُ سَكَنَتْ. فإن قلتَ: حينئذٍ ناقَضْتَ الآيةَ والحديثَ، فإن مستقرَّها على تفسير يوم القيامة، والحديثُ يَدُلُّ على أنها تذهب كل يوم تحت العرش، وتؤذن بالسجود، وذلك مستقرُّها. قلتُ: لا يَلْزَمُ أن يكونَ الحديثُ شرحًا لِمَا في القرآن دائمًا. فلعلَّ ما ذكره البَيْضَاوِيُّ تفسيرًا للقرآن، وما ذكره الحديثُ فهو اقتباسٌ منه. أمَّا تحقيقُ جريان الشمس، فقد تكلَّمنا فيه مرَّةً، وحقَّقنا أن القرآن قد يَعْتَبِرُ الواقعَ بحسب الحِسِّ أيضًا، كما أنه يَعْتَبِرُ الواقعَ بحسب نفس الأمر، فَيُدِيرُ الأحكامَ على ما هو المشهود. ومن هذا الباب قوله:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} فإن جريانها مشاهدٌ، سواء كانت جاريةً في الواقع بحسب نفس الأمر، أو لا، وهو الذي يُنَاسِبُ شأن القرآن. فإنه لو كان بَنَى كلامَهُ على نفس الأمر الواقعيِّ في كلِّ موضعٍ، لَمَا آمن به كثيرٌ من البشر، فإن من فطرته الجمود على تحقيقه. فلو قال القرآن: الفلكُ متحرِّكٌ، كما يقوله أصحاب الهيئات القديمة، لكذَّبه الناسَ اليوم، ولم يؤمنوا به، لأنه ثَبَتَتْ عندهم حركة الأرض. ولو بناه على ذلك لكان مكذَّبًا فيما بينهم، وإن آمن به الناسُ اليوم. مع أنك تَعْلَمُ أن نفسَ الأمر الواقعيِّ لا يَخْلُو عن أحد هذين الأمرين، مع استحالة الاجتماع. فلذا أَغْمَضَ عنه، وبَنَى كلامَه على واقعٌ يشترك فيه العامة والخاصَّة، فافهم، وتشكَّر. وسأعود إلى تفسيره في صورة يس أبسط من هذا.
قوله:({لَوَاقِحَ}) من قبِيلِ قولهم: * ومختبط ممَّا تطيح الطوائح * أي الملحقات "حامله بنا نيوالين".