حاصِلُه أن تلك الأوثانَ التي كانت في قومِ نوحٍ عليه السلام وصلت بعينها إلى العَرَب.
قلتُ: ولا بُعْد فيه، لأنَّ نوحًا عليه الصلاة والسلام كان في العراقِ، وهي كانت تحت مَمْلكةِ العرب، ويقال لها: عِراق العَرَب، فلا عجب منه. ويؤيدُه أن عَمْرو بن لحي الذي هو أعلأّل مَن سَنَّ عبادةَ الأوثان في العرب، كان جاء بِوَثَن من العراق، وكان اسْمُه هُبَل؛ والظاهر أنَّ العرب هم الذين كانوا نَحَتُوا هذه الأصنامَ، لا أنها انتقلت من العراق إليهم، غير أنهم نحتوها للمقاصِد التي قصدها أهلُ العراب، وذلك لأَنّا نَجِد في أهل الهند أيضًا أصنامًا على تلك الأسامي بعينها، وراجع لها «ترجمة القرآن» للمَوْلَوي، فيروز الذين الدسكوي، فإنّه قد ذكر فيها أسماءها بالهندية، ثُم إنَّهم كانوا أعدوها للحوائج الخاصة؛ فالوَدّ: من المودة، وكانوا نحتوها لِجَلْب الخير بينهم؛ والسُّواع: من الساعة، وهي التي فَوّضوا إليها الموت؛ ويَغُوث: وهي ما كان تَغِيث الناس في شدائدهم؛ ويَعُوق: وهي ما كانت تمنعُ وتعوقُ عنهم المصائبَ؛ والنَّسْر: كانت على شَكْل النَّسْر.