مع وُرُود القوليةِ في فَضْله، بخلاف المصافحة في العيدين فإِنها لم تَثبت في الجنس أيضًا، نعم ثبتت عند اللفاء فقط. وتلك فروقُ أَدَقُّ من الشَّعر، يراعيها المتطلِّبُ لسُنة نَبيَّه أَمَّا مَن اتَّبع الهَوى ولم يُوفَّق للفَرْق بين الضَّلالةِ والهُدَى فقد غوى. ومن ههنا انحل حديثٌ آخَرُ وهو: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يقولُ بعد صلاة الفجر: «اللهم أَنْتَ السلامُ» ... الخ. مع ثبوتِ الفَضْل الكبير لِكلمةِ التوحيد بعد الصبح قولا، فَلَعَلَّه يَكونُ هناك أحمقٌ يَزْعُم التناقضَ بين فِعْله وقوله. والأمر أنَّ الفَضْل لكلمةِ التوحيد ولا ريب، والفَضْل في دعائه اللهم أنت السلام أيضًا، إلا أنه اصطفى لنفسه ما كان أحسنَ لِشأنهِ عند ربِّه. وأخبرنا بكلمة التوحيدِ ليأتي بها مَنْ كان آتيًا ولا يُحْرم مِن الأَجْر (١).
٣٤ - باب الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ
١١٨٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ حَفِظْتُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِى بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِى بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَكَانَتْ سَاعَةً لَا يُدْخَلُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا. أطرافه ٩٣٧، ١١٦٥، ١١٧٢ - تحفة ٧٥٣٤
١١٨٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ. تَابَعَهُ ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ. تحفة ١٧٥٩٩
[فائدة]
اعلم أنَّ تقديمَ الوِتْر إلى أوَّل الليل كما هو المعمول به اليوم ثَبَت عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه. وضَمَّ الركعتين مع الوِتْر ثبت عن أبي هريرةَ رضي الله تعالى عنه، وبه يحصل العَمَلُ لقوله:«لا تُوتروا بثلاث ... » إلخ.
(١) يقول العبد الضعيف: ومن هذا الباب الأذان، فإني لا أراه ثابتًا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِعلًا مع التواتر في فَضْله. وقد كنتُ أتفكرُ فيه دهرًا ما سببه حتى راجعت فيه عالِمًا ألقى عليه ربُّه مِن نورِه فأخبرني أن الله سبحانه وتعالى كان قد اصطفى له مَنْصِبَ الإِمامةِ فلم يَصلُح لأحدٍ أن يؤمه. وهو الذي أرادَهُ أبو بكر رضي الله عنه مِن قوله: "ما كان لابنِ أبي قُحَافة أن يتقدّمَ بين يدي رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فإِذا اصطفى له مَنْصِب الإِمامة ترك التأذينَ لِمَن دونَه مع التنبيه على الفضل الكبير فيه، لئلا يظنَ أحَدٌ أنه إذا لم يَثْبُت به فِعْلُه - صلى الله عليه وسلم -، فلعَلَّه لا يكونُ مرغوبًا. فالتأذينُ محبوبٌ ومرغوبٌ إلا أنَّ ربَّه اصطفى له مَنصِب الإِمامة للآخرَ أيضًا. فرضي به. ثم جرى العملُ في الأُمة بالتقسيم بكون الإِمام واحدًا، والمؤذن آخرَ، وإن صَلَح أحَدُهما.