٩٢٤ - قوله:(لكنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ) أي جماعةً ومن خصائص الجماعة أنها تجلِبُ الوجوب، ولذا أمرهم أن يصلوا بها في البيوت. وحينئذٍ لم يخالف ذلك ما مرَّ معنا من وجوب صلاة الليل، وأنَّ النَّسْخ لم يرد فيها، وإنما ورد التخفيف من التطويل. وأنه تأكد بها الوتْرُ مع تغيير الشاكلة يسيرًا، لأنه لو كانت تلك الصلاة نُسِخت كما فهموه، لم يكن لخشية افتراض صلاةٍ نُسِخت معنىً. وفي «الصحيح» لابن حِبان: «خَشيتُ أن تُفْرَضَ عليكم الوِتْرُ». قلت: الوِتْر فيه بالمعنى العامِّ الشاملِ لصلاة الليل أيضًا، فتنبَّه.
٣٠ - باب الْقَعْدَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
٩٢٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا. طرفه ٩٢٠ - تحفة ٧٨١٢
وهي سنةٌ عندنا. وفَرَّق اللغويون بين الجلوس والقعود ولم يستقروا على شيءٍ. ولو ثبت أن القعودَ يكون من القيام بخلاف الجلوس فإِنَّه من الاضطجاع، لكان مُعتبَرًا ههنا أيضًا.
وهو واجبٌ على القوم. ويجوز للإِمام أن يأمُرَ ويَنْهَى عند الحاجة خلالَ الخُطبة. وللقوم أن يمنعوا بالإِشارة مَنْ كان يَلْغط.
وذهب أحمد ومالك أيضًا إلى الوجوب. وهو القول القديم للشافعي رحمه الله تعالى. وفي الجديد: أنه مُستَحبُّ. ومِن تفاريعه وجوبُ الفاتحة على المقتدي، فقد كان يختار أولا وجوب الاستماع، ثم رجع إلى وجوب القراءة. ثم أنه لم يأت للقول الجديد إلا بوقائع في عهده صلى الله عليه وسلّم لا تخالِفُنا أصلا. وصرَّح الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى - مِنَّا - بجواز الكلام للإِمام عند الحاجة.
٩٢٩ - قوله:(مَثَلُ المُهَجِّر) والهَاجِرة في أصل اللغةِ لِنِصْف النهار، ثُم أُطلق في التكبير تَوَسُّعًا، وهو من الصبح عند الجمهور، ومن الزوال عند مالك رحمه الله تعالى. وعند أبي داود - ص ١٥٠ - في: باب فضل الجمعة في حديث طويل: «فإِذا جَلَس الرجل مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فيه من الاستماع والنظر - إلى الإمام - فأَنْصَتَ ولم يَلْغُ، كان له كِفْلان من أَجْر، فإن نأى وجلس حيثُ لا يسمعُ فأَنصَتَ ولم يَلْغُ كان له كِفَّلُ من الأَجْر، وإن جَلَس مَجْلِسًا يستمكن فيه من الاستماع