للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: وجوابه على ما في حديثه من تَطَرُّق الاحتمالات: أنَّ البخاريَّ لم يخرِّجه ههنا، مع اختياره تلك المسألة، وأَخْرَجَهُ في النكاح، لأنه لا يَقُوم عنده حُجَّة على هذا المعنى أصلا، ولا أقل من أنه رأى فيه قصورًا. والجواب عندي: أن في القصة تقديمًا وتأخيرًا، فما ذكره من عُمْره هو عُمْر تعلُّمه القرآن دون عُمْر إمامته، كما يُعْلَمُ من مراجعة كتب الرجال، فإن كنتَ من رجال هذا الفن. فبارِزْ، وإلا فالزَمْ زاوية بيتكَ ولا تُنَازِعْ.

٦٩٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». طرفاه ٦٩٦، ٧١٤٢ - تحفة ١٦٩٩

٦٩٣ - قوله: (وإن اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ) أي وإن جعله الإِمام الأكبر عاملا، كما هو مصرَّحٌ في بعض الطُّرُق، وإلا فالإمام الأكبر ينبغي أن يكون قُرَشِيًّا. ونقل الطرابلسي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أنه ليس بشرطٍ، وظاهر العبارة أنه شرطٌ إجماعًا.

٥٥ - باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ

٦٩٤ - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ». تحفة ١٤٢١٨

أشار إلى مسائل القدوة، وهي ضعيفة عند الشافعية جدًا (١)، حتى قالوا بصحة صلاة


= والحاصل: أنهم جعلوه إمامًا، لأن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان أمرهم أن يجعلوا الإمام أكثرهم قرآنًا، ولم يجدوا بهذا الوصف إلَّا عمرو بن سَلَمَة، فأيُّ حُجَّة فيمن كانوا حديثو عهدٍ بجاهلية لم يتعلموا كثيرًا من الحلال والحرام، ثم اجتهدوا من رأيهم، والله تعالى أعلم بالصواب.
(١) وهذا بابٌ واسعٌ، وجزئياته كثيرة عند الشافعية، حتى أنهم عَدُّوا التقصير في الأركان والشرائط أيضًا منها، فكيف بالسنن والمستحبات، فلو نَسِيَ الإمام أنه كان مُحْدِثًا أو جُنُبًا، فأمَّ القومَ على أنه طاهرٌ، ثم تذكر بعد الصلاة أنه كان على غير طُهْر، فصلاةُ من اقتدى به من المتؤضئين تامة عندهم، وكذا إن أخرها الإمام حتى أدخلها في الوقت المكروه، فعلى من حَضَرَها أن يشهدها، وإن كان قد صلَّاها في وقتها المستحب، فإنما إثمه يكون على من أخرها لا على من أتمَّ خلفه.
أما الحنفية: فقد خالفوهم في تلك الجزئيات كلها، وأخذوا الحديث في الجزئيات التي لا ترجع إلى بُنْيَة الصلاة، فإن تمامية صلاة المقتدي مع نُقْصَان صلاة الإمام لا يتأتَّى على مسائلنا، وإنما يتأتى ذلك في السنن والمستحبات، فالإمام لو لم يقرأ، أو قَصَرَ فيها، فإن المقتدي لا يمكن منه تداركها بحال، فكيف يَصحُّ إتمام مَن خلفه في تلك الصورة ليبني عليها جواز صلاته مع عدم جواز صلاة إمامه، وهكذا في الركوع والسجود والتعديل أيضًا. نعم، إنما يأتي ذلك فيما إذا رَكعَ الإمام أو سَجَدَ قدر ما يكفي، ثم لم يسبّح فيه، وأتى به المقتدي، فإنه يَصْدُقُ فيه أن إمامه لم يُتمَّ، مع أنه قد أتمَّه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>