للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٨ - باب التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْي

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠].

٢٨٩٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ - رضى الله عنه - قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْمُوا بَنِى إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِى فُلَانٍ». قَالَ فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ». قَالُوا كَيْفَ نَرْمِى وَأَنْتَ مَعَهُمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ». طرفاه ٣٣٧٣، ٣٥٠٧ - تحفة ٤٥٥٠ - ٤٦/ ٤

٢٩٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ». طرفاه ٣٩٨٤، ٣٩٨٥ - تحفة ١١١٩٠

والتحريضُ على الرَّمْي كان في الزمان الماضي، وأما اليوم فينبغي أن يكونَ على تَعَلُّم استعمالِ الآلات التي شاعت في زماننا، كالبندقية، والغاز، ومن الغباوة الجمودُ على ظاهر الحديث؛ فإِنَّ التحريض عليه ليس إلا الجهاد، وليس فيه معنىً وراءه؛ ولما لم يق الجهادُ بالأقواس لم يبق فيها معنىً مقصودٌ، فلا تحريض فيها؛ ومن هذه الغباوةِ ذهبت سَلْطنةُ بُخَاري، حيث استفتى السلطانُ علماءَ زمانهه بشراء بعض الآلات الكائنة في زمنه، فمنعوه، وقالوا: إنَّها بِدْعة؛ فلم يدعوه أن يشتريها حتى كانت عاقبة أَمْرِهم أنهم أنهزموا، وتسلَّط عليهم الرُّوسُ. ونَعوذُ بالله من الجهل.

ونحوه ما وقع لِسُلطان الرُّوم، حيث كتب إلى بعضِ السَّلاطين يخبرُه عن رغبته في الإِسلام - وكان وثنيًا - فسأله هل لي رخصةٌ في شُرْب الخَمْر في دِينك، فإِني لا أستطيع أن أَصْبِرَ عنها، فلو كان لي رُخصةٌ أسلمت؟ فاستفتى السلطانُ علماءَ زمانه، فأجابوا أنها حرامٌ، ولا نجد له رخصةً؛ فإِنْ شاء ترك الخمر، ويدخل في الإِسلام؛ وإن شاء بقي على دينه، ويَشْرب الخَمْر. فلما بَلَغ خبرُه إلى نصراني دعاه إلى دِينه، وقال: أشرب الخَمْرَ، وتنصَّر؛ فاحتار النصرانية، والعياذ بالله مِن سُوء الفَهْم، والجهل. ولو استُفْتيت منه لَقُلْتُ له: ادخل في الإِسلام، واعتقد بِحُرمة الخَمْر، ثم إن إبيت إلا أنْ تشربَ الخَمْر فاشرب.

فالحاصل أن التحريضَ في كلِّ زمانٍ بِحَسبِهِ؛ وفي النصِّ إشارةٌ إليه أيضًا، فقال تعالى: {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠] فالمقصودُ هو الإِرهابُ، وذلك لا يحصل اليومِ بِتَعلُّم الرَّمي.

٢٨٩٩ - قوله: (ارمُوا بني إسماعِيل) ويترجم المُصنِّف فيما يأتي. وبحث الشارحون هناك

<<  <  ج: ص:  >  >>