٣٧٢ - قوله:(ما يعرفهن أحد) قال النووي: أي أرجالٌ أم نساء، ليكون أدلَّ على التغليس، قلت: بل المراد به معرفةُ الأشخاص، ولا ريب في أن عدم معرفة الأشخاص معنىً مطلوب، حيث عَرَضَ عمر رضي الله تعالى عنه، فقال:«ألا قد عرفناك يا سودة»، وإلى هذا المعنى أرشد القرآنُ فقال:{ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}[الأحزاب: ٥٩] والمعرفة هنا هي معرفةُ الشريفة من الوَضِيعة، فإن المنافقين إذا وجدوا امرأةً وضيعةً، غمزوها وآذوهَا، فهديُ القرآنِ لإِدناء الجلابيب، لئلا يعرفنَ أنهنَّ شريفاتٍ أو وَضِيعات فلا يؤذين، فكانت تلك معرفة الأشخاص.
أما عدم معرفة الرجال من النساء فليس فيه معنى، ثم ما يُعلم من عمل الشيخين هو البداية في التغليس، والنهاية في الإسفار، وهو الذي اختاره الطحاوي، وهكذا في كتاب الحج، قيل: هو من قلمِ أحمد بن عِمران، وقيل من قلم عيسى بن أَبَان، وعمل عثمان رضي الله عنه بالإسفار، وهو الذي اختاره المتأخرون منا. وعند ابن ماجه: تعني من الغلس، نظير الجواب.
٣٧٣ - قوله:(فإنها ألهتني) وفي الطريق الآتية المنقطعة: «فأخاف أن تفتنني»، فدل على أنه لم يقع شيءٌ من ذلك، وإنما خشي أن يقعَ، وإنا تحسُ هذه الأمور القلوب اللطيفة دون