تَذْهَبَا إليه كذلك بدون وقوف في البين، فإِذا لم يضعهما على الرُّكْبَتَيْن عند السجود لذلك، لم يضعهما عند الرفع منه أيضًا، لتبقى شاكلتهما في الصورتين واحدةً. ونحوه قرَّرنا فيما قبل من كلام الطَّحَاوِيِّ رحمه الله تعالى: إن بُنْيَةِ الصلاة تُبْنَى على التفريج، وعدم اعتماد بعض الأعضاء على البعض. فإِذا كان الأمرُ عنده كذلك، فلعلَّه لمَّا كبَّر وثَقُل جهدْ في القيام بدون اعتمادٍ على الرُّكب، فاضْطَرَّ إلى وضعهما على الأرض، وهكذا يكون في الفروع.
فإِن الإِنسانَ إذا اختار جانبًا، ثم تظهر له فروع، يُكَمِّلُها ويُرَتِّبُهَا على الأصل الذي اختاره، وهو معنى الاجتهاد. وعندي فإن الجزئيَّ الواحدَ قد يَصْدُقُ عليه ألف كُلِّيَّات. كذلك الصورةُ الواحدةُ قد تَدْخُلُ في عِدَّة ضوابط، فالنظر في أنها إلى أيِّ الضوابط أقرب لِيَنْسَحِبَ عليها حكمها، هو الاجتهاد، ولا يهتدي إليه غير المجتهد. فصورةُ الاعتماد إنما حَدَثَت من نحو هذا، ولا أراها ثابتةً من السُّنية. والله تعالى أعلم.
٨٢٤ - قوله:(وكان ذلك الشيخُ يُتِمُّ التكبيرَ): أي يَسْتَوْفي عددها، ويأتي بتمامها، ولا يُنْقِصُ منها شيئًا. وذلك لأنا قد عَلِمْنَا من الخارج: أنه كان وقع فيها حذفٌ من بني أُميَّة.
قوله:(واعْتَمَدَ على الأرض). ولا أحفظُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم شيئًا في ذخيرة الحديث إلا قوله:«استعينوا بالرُّكَب»، أو «أمِسُّوا بالرُّكَب»، وبوَّب عليه الترمذيُّ بالاعتماد في السجود، فزاد فيه لفظ السجود من عنده، مع أنه ليس في نسخة الحافظ. وعنده ما يَدُلُّ على أن الترمذيَّ حمل الاستعانةَ على الاستعانة عند الرفع. وقد مرَّ الكلامُ فيه مبسوطًا عن قريبٍ.
١٤٤ - باب يُكَبِّرُ وَهْوَ يَنْهَضُ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ