ويُعْلَمُ من طُرُقه كما هو عند الترمذي: أن الرجل كان قَصَر في التعديل. وبالجملة، فالإِمام البخاري رحمه الله تعالى أَخْرَج في هذا الباب عِدَّة أحاديث، غير أنه لم يَجدْ حديثًا صريحًا يَدُلُّ على تعيين الفاتحة، ولذا لم يُتِرْجِمْ بها عينًا، نعم في رسالته ذهب كل مذهب.
[فائدة]
واعلم أن المصنِّف رحمه الله تعالى قد شدَّد الكلامَ على مسائل أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رسائله، ولم يكن ذلك يَلِيق برِفْعَة شأنه. وقد سَمِعْتُ من بعض الفضلاء قصةً في وجه نَكَارته من الحنفية، وهي: أن ملك بُخَارا أمر المصنِّف رحمه الله تعالى أن يُعَلِّمَ أبناءه في بيته، فأجاب المصنِّف رحمه الله تعالى: من شاء فليأتنا، ولا حاجةَ لنا إلى الذهاب إلى بيت أحدٍ، فَغَضِبَ عليه الملك وأَجْلاه. فخرج البخاري رحمه الله تعالى إِلى خَرْتَنْك - موضع بَسَمَرْقَنْدِ - وألقى بها عصاه، ودعا ربه: أنه لم يَبْقَ له بعد ذلك في الحياة حاجة، فتُوُفِّيَ في يوم العيد. قيل: إن الذي ساعد الملك على إخراجه أبو حفصٍ الصغير، وهو تلميذ أبي حفصٍ الكبير - تلميذ الإِمام محمد رحمه الله تعالى - وهذا هو سبب نَكَارة البخاري رحمه الله تعالى من الحنفية.
قلتُ: ولي فيه تردُّد لِمَا ذَكَرَ الحافظُ رحمه الله تعالى فى مقدمة «الفتح»: أن أبا حفصٍ الصغير كان رفيقًا للبخاري في أسفاره، حتى أنهما كانا يَتَهَادَان أحدهما إلى الآخر، فما دام لا يتحقَّق للتغاضُب بينهما سببٌ، لا أَثِقُ بتلك الحكاية. والله تعالى أعلم بالصواب.
٩٦ - باب الْقِرَاءَةِ فِى الظُّهْرِ
٧٥٨ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ سَعْدٌ كُنْتُ أُصَلِّى بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاتَىِ الْعَشِىِّ لَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أَرْكُدُ فِى الأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ فِى الأُخْرَيَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ. طرفاه ٧٥٥، ٧٧٠ - تحفة ٣٨٤٧