١٤٢٩ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - ح. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ وَالْمَسْأَلَةَ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِىَ الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِىَ السَّائِلَةُ». تحفة ٧٥٥٥، ٨٣٣٧ - ١٤٠/ ٢
١٤٢٧ - قوله:(اليد العليا خير من اليد السفلى). وفي شرحهما أقوال: فقيل: المتعففة والسائلة. وقيل: المعطية والآخذة. وقيل: الأُوْلى يد الله، والثانية يد المخلوق. والأحاديث وردت بكل منها، إلا أنَّ الرواةَ قد وقع منهم الخلطُ في بعض المواضع، فذكروا أحدهما موضع الآخر، كما في الرواية الآتية، فجعل اليد العليا المعطية، والسفلى السائلة، مع أنه رُوعي فيه الطباق، والمنفقة تقابلُها الآخذة، كما أن السائلَة تقابلُها المتعففة.
ثم الذي يخطرُ بالبال أن الثالثَ ليس شرحًا للحديث، بل هو مضمون مستقل، أدرجه الشارحون في جملة الشروح، نظرًا إلى مجردِ لفظ اليد. والله تعالى أعلم بالصواب.
قوله:(ومن يستعفف يعفه الله) أي من يتكلف العِفَّة، جعلها الله له مَلَكَة. وههنا بحث للعقلاء: أن الأخلاق والمَلَكات هل تكون فطريةً، أو مكسوبةً؟ وبحث عليه الدَّوَّاني أيضًا. والذي يظهر أنها فطريةٌ، كما يدل حديث وفد عبد القيس، لما تسارع شُبَانهم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وتركوا رَوَاحِلَهم غير معقولة، وتخلف عنهم رئيسهم الأشَج، فعقل رِكابهم، واغتسل، ثم حضرَ مجلس النبي صلى الله عليه وسلّم فبشَّرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بالخصلتين: الحلم. والأناة، وأخبر أنهما فطريتان فيه.
قلتُ: ونقلُ الجبل عندي أهون من تغير الجِبِلَّة، اللهم إلا أن يكون من الألوف واحدٌ ذو حظٍ، ممن أكرمه الله فتغيرت جِبِلتُه برياضات ومجاهدات، وقليلٌ ما هم.