للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٧٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - (وَالنَّجْمِ) فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا. طرفه ١٠٧٢ - تحفة ٣٧٣٣

ظاهرُ الروايةِ أنها تَجِب على التراخي، وفي الرواية الشاذَّة كما في «التاتارخانية» أنها على الفور. وعندي كلاهما صحيحٌ، فإن اعتمد على نَفْسه فكما في ظاهر الرواية، وإلا فكما في «التاتارخانية». ولا رَيْب في أن عظمةَ كلامِه تعالى تَقْتَضي أن تُسجد على الفور، فإنه كآدابِ المَلِك عند الحضور في مجلسه، وتلك الآدابُ تجب عند الحضور بدون تراخٍ، فكذلك ينبغي أن يسجُدَ عَقِيْبَ التلاوةِ أو السَّمَاع بلا تَوَقُّف. ولعلَّ تَعَدُّدَ الرُّكوع في صلاة الكسوف أيضًا من باب أداءِ آدابِ الحضرةِ الآلهِيَة المتجلية إذ ذاك، فهذا هو الأصل، نعم لو تَرَاخى فيها لا تفوتُ عنه.

١٠٧٢ - قوله: (أَنَّه قَرَأَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلّم {وَالنَّجْمِ} فلم يَسْجُدْ فِيها). قلت: عدمُ سجودِه على الفورِ لا يوجِبُ عدمَ السجودِ فيها رأسًا. ثُم إنَّ زَيْدَ بنَ ثابتٍ لما كان فيه بمنزلةِ الإمام ولم يَسْجُد هو لِعُذْرٍ لم يَسْجُد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أيضًا. وقال الشيخ ابنُ الهُمَام رحمه الله تعالى: إنَّ رَجُلا لو قَرَأَ سجدةً على قومٍ، يستحبُّ لهم أن يجعلوا فيها صورةً للصف ويجعلوا التَّالي إمامًا إلا أنه لا يتقدمهم، لعدم كَوْنِ الجماعةِ حقيقةً. وخرج منه أن التالي لو سجدَها يتأكَّدُ الوجوبُ في حقِّ السامعين أيضًا. وإن أخَّرها هو تتأخَّر عن القومِ أيضًا (١).

٧ - باب سَجْدَةِ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}

١٠٧٤ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ وَمُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَا أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)} [الانشقاق: ١] فَسَجَدَ بِهَا فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَلَمْ أَرَكَ تَسْجُدُ قَالَ لَوْ لَمْ أَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ لَمْ أَسْجُدْ. أطرافه ٧٦٦، ٧٦٨، ١٠٧٨ - تحفة ١٥٤٢٦

تَعْرِيضٌ (٢) بالماليكة، لأَنَّه ليس عندهم في المُفَصَّلات سَجْدَةٌ.


(١) يقولُ العبدُ الضعيف: ويَشْهَدُ له ما عند البخاريّ رحمه الله تعالى بعد عدة أحاديثَ، عن ابن مسعود: أن غلامًا قرأ عليه سجدة. فقال له: "اسجد فإنك إمَامُنَا". فأمَرَه بالسجودِ أولًا وأطْلَق عليه الإمام. وكذا يُبْنَي عليه ما عن ابن عمرَ رضي الله تعالى عنه بعده مرفوعًا: "كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرأُ علينا السورةَ فيها السجدة، فيسجدُ ونَسْجُد". اهـ. فجعله إمَامًا من حيث كونهم ساجدين بسجوده - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) قال الشاه وليُّ الله رحمه الله تعالى في "تراجم البخاري": إن السجود عند مالك رحمه الله تعالى أرْبَعَ عشرةَ سجدةً، والثلاث في المُفَصَّل غيرُ مؤكَّدةٍ عنده، والبواقي مؤكَّدة، وهذا اشتهر عند الناصر أن السَّجدات عنده إحدى عشرةَ سجدةً اهـ. قلتُ: وهو في الموطأ حيث قال (ص ٧٢)، قال مالك: الأمْرُ عندنا أن عزائمَ سجودِ القرآن إحدى عشرةَ سجدةً ... إلخ. قال الباجي: إن مالِكًا رحمه الله تعالى لم يمنع السجودَ في المُفَصَّل، وإنما يمنعُ أن يكونَ من العزائمِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>