للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عيَّنه المصنِّف رحمه الله تعالى باعتبار الإمام، وعندي لا مَيْمَنَة له ولا مَيْسَرَة، لكونه اعتبارية في المسجد. أمَّا في الإمام، فيكون باعتبار استقباله إلى القبلة، وهذه المسألة لم يتعرَّض لها الفقهاء. نعم يُحْتَاج إليها في الحديث لِمَا فيه: «أن الرَّحمة تَنْزِلُ أولا على الإمام، ثم على يمينه، ثم على يساره».

٨٠ - باب إِذَا كَانَ بَيْنَ الإِمَامِ وَبَيْنَ الْقَوْمِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ

وَقَالَ الْحَسَنُ لَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّىَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهْرٌ. وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ إِذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ. ١٨٦/ ١

أشار إلى مسألة اتحاد المكان بين الإمام والمأموم. قال الحنفية: إن المسجد كلَّه مكانٌ واحدٌ، فإن حالت الجدران، فهل يُشْتَرَط المنفذ، أو كفى علم انتقالات الإمام فقط، ولو بمجرد صوته؟ فالثاني هو المُفْتَى به، ولا حاجةَ إلى المنافذ أو غيرها، واعتبروا في الصحراء تباعُدَه قدر ثلاث صفوف إذا لم تتصل الصفوف، فإن كان بينهما طريقٌ أو نَهْرٌ تجري فيه السفينة مُنِعَ مطلقًا، ويُعَدُّ كأنه مكانٌ مختلفٌ، ويَشْهَدُ له أثر عمر رضي الله عنه، كما في «الحاشية»، ولعلَّه في «المصنَّف» لعبد الرَّزَّاق.

٧٢٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ فِى حُجْرَتِهِ، وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَةِ، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ «إِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ». أطرافه ٧٣٠، ٩٢٤، ١١٢٩، ٢٠١١، ٢٠١٢، ٥٨٦١ - تحفة ١٧٩٣٧

٧٢٩ - قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يُصَلِّي من الليل في حُجْرَتِهِ ... ) الخ. اختلف الشارحون في تفسير الحُجْرَة، ما كانت؟ وحملها الطَّحَاوِيُّ رحمه الله تعالى على بيت عائشة رضي الله عنها، وحينئذٍ الفاصل هو الجدار. وحملها الشارحون على حُجْرَتِهِ التي كانت تُتَّخَذُ من الحصر لمُعْتَكَفِهِ في رمضان (١). قلتُ: والأرجح عندي أن يُحْمَلَ على التعدُّد، فإن حَمْلَ الجدار على الحصير مجازٌ بعيدٌ.

قوله: (يُصَلُّون بصلاته). أَمْعِن النظر فيه، حيث لم يَقُل: صلاتهم، مع أنه الظاهر، وجعلهم مُصَلِّين بصلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهل يُصَلِّي أحدٌ صلاةَ أحدٍ؟ وهل يأتي هذا التعبير على


(١) وفي تذكرةٍ عندي من الشيخ ذكر السَّمْهُودي: أنه كانت أمام بيت عائشة حُجْرة مَبْنِيةٌ، وحينئذٍ يمكن أن تكون هذه هي المراد، وهو ظاهر لفظ الجدار، ولكن وقع التصريحُ في بعض الطُّرُق بكونه في رمضان. وحينئذٍ، فالظاهر من حُجْرَتِه هي التي كانت تُعَدُّ للاعتكاف، وكانت من حصيرٍ فأتردَّدُ أنه كان من حصير، وغَلِط الراوي في تعبيره بالجدار. والصواب كونها من الجدران، كما يذكره هو، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>