وحاصلُ معنى كلامه: أن التلفُّظَ الذي هو من فعل العبد مخلوقٌ، وهذا التلفُّظُ تعلَّق بالقرآن الذي هو غيرُ مخلوق، وصفةٌ للرَّبِّ جلَّ مجده. ومن لا يميِّزُ بين فعل العبد، وصفة الرَّبِّ جلَّ مجده، يَقَعُ في الخبط. فهذا أصلُ جوابه، أَوْمَأَ إليه في هذه الترجمة، حيث قال: إن الرَّبَّ بصفاته، وأمره، وفعله، وكلامه هو الخالقُ المكوَّنُ. فكلامُ الله من حيث كونه صفةً له تعالى في جانب الخالق، ومن يَجْتَرِىءُ أن يقولَ: إنه مخلوقٌ من هذه الجهة؟ وأمَّا تلفُّظُنَا به، فذاك ليس من صفته تعالى، بل من صفاتنا، ونحن بما فينا من الصفات مخلوقون تعالى.
وجملته أن الواردَ مخلوقٌ، والمورد غيرُ مخلوقٍ. وهاك أجلى نظيرٍ له، فإِنك إذ تَقْرَأُ كتابًا، فيكون هناك أوَّلًا قراءتك، ولا يَمْتَرِي أحدٌ أنه فعلُك. وثانيًا الذي تَقْرَأُهُ، ولا يَشُكُّ أحدٌ أيضًا أنه ليس من فعلك، بل هو من الشيخ السعدي. فهكذا القرآن، وقراءتنا به.
ومحصَّل تلك الترجمة: أن اللَّهَ تعالى وما يتعلَّق به من صفاته وأمره كلِّها غيرُ مخلوقٍ، والعالمَ بقَضِّه وقَضِيضِه مخلوقٌ.