للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من بني إسرائيل، لكنه يكونُ تابعًا لشرعكم. والراجح عندي لفظُ البخاريَّ، أي: «وإمامكم منكم»، بالجملة الاسمية. والمرادُ منه الإِمام المهديّ، لِمَا عند ابن ماجه: بإِسنادٍ قويَ: «يا رسول الله، فأين العربُ يومئذٍ؟ قال: هم يَوْمَئذٍ قليلٌ ببيت المَقْدِس، وإمامهم رَجُلٌ صالحٌ، فبينما إمامُهم قد تقدَّم يُصَلِّي بهم الصبح، إذ نَزَلَ عليهم عيسى ابن مريم الصبحَ، فَرَجَعَ ذلك الإِمامُ يَنْكُصُ يمشي القَهْقَرَى، ليقدِّمَ عيسى عليه السلام يُصَلِّي» ... إلخ. فهذا صريحٌ في أن مِصْدَاقَ الإمام في الأحاديث هو الإِمامُ المهدي دون عيسى عليه الصلاة والسلام نفسه، فلا يُبَالي فيه باختلاف الرواة بعد صراحة الأحاديث. وبأيِّ حديثٍ بعده يُؤْمِنُون، فهذا هو أصلُ اللفظ. ومن قال: «أَمَّكُم منكم» أو: «أَمَّكُم بكتاب الله». فكلُّ ذلك من تصرُّفاتهم، وأوهامهم، لأن الحديثَ إذا اخْتَلَفَتْ ألفاظُه عن صحابيَ، فالطريقُ العدولُ عنه إلى حديث صحابيَ آخَرَ إن كان عنده ذلك الحديث، فإنه يَنْفَصِلُ به الأمر على الأغلب.

بقيَ الكلامُ في إمامة الصلاة، فالإِمامُ في أوَّل صلاةٍ بعد نزول المسيح عليه السلام يكون هو المهديُّ عليه السلام، لأنها كانت أُقِيمَتْ له، ثم بعدها يُصَلِّي بهم المسيح عليه السلام.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

٥٢ - باب مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ

٣٤٥٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ أَلَا تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ


= وظاهرُه أنه يَؤُمُّ في تلك الصلاة، وإنما حَمَلْنَاه على غير تلك الصلاة نحن من عندنا، لِمَا ثَبَتَ عندنا إمامة المهدي في الصلاة الأُولَى، كما رواه مسلم. فَحَمْلُه على الراوي خلاف الواقع، فدعِ الراوي على ما عنده من الغلط، ولا تَحْمِلْ كلامَه على ما هو الحقُ عندك، فإنه بطالةٌ.
وجملةُ الكلام إن قوله: "أمَّكم"، أو: "أمَّكم منكم"، مضمونٌ آخر، وقوله: "وإمامُكم منكم"، مضمونٌ آخر، وهما عند أبي هُرَيْرَةَ. وموجبُ الأوَّل: إمامةُ الصلاة، وموجبُ الثاني: الإِمامةُ الكبرى. ثم ما التطبيقُ بينهما في ذهن أبي هُرَيْرَةَ؟ فذلك أمرٌ يَعْلَمُهُ الله تعالى، وإنما التطبيقُ المذكورُ من عند أنفسنا. أمَّا كونُ الإِمام في أوَّل الصلاة هو المهدي، فذلك منصوصٌ في الحديث عند مسلم. وأمَّا كون عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام إمامًا في سائر الصلوات بعدها، فذلك ذوقي، ومن حكم الوجدان فافهم، وارجع البصر كرَّةً بعد كرَّةٍ، وراجع ألفاظَ الحديث من مسلم، وإن نقلناها أيضًا، ثم أَمْعِن النظرَ فيه، ثم امْكُثْ قدر فُوَاق ناقة، ثم انصف تَجِدْ علمًا، كالعيان. وقد بالغنا في شرحه، وبسطه، لأن لعين القاديان قد زَعَمَ أن له فيه نصيبًا، وما له من نصيبٍ، عليه اللعنُ ألف ألف مرَّة، عند طرفة كل عينٍ، وتنفُّس كل نفسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>