الصلاة: أن لا نِيَابةَ فيها، وحينئذٍ فالأقربُ أن يكونَ في باب الصيام أيضًا.
وفي «البحر» من باب الحجِّ عن الغير: أن كلَّ عبادةٍ بدنيةٍ تجري فيها الإِثابة، أي إيصال الثواب إلى الغير. ثم قِيلَ: إنها تَجُوزُ في الفرائض والنوافل مطلقًا. أمَّا في الفرائض، فيكون الثوابُ لغيره، وإن لم يَسْقُطْ عنه الفرض. وقيل: إنها في النفل فقط. ثم قيل: إن الإِثابة إنما تكون للميت فقط. وقيل: للميت والحيِّ كليهما.
وبالجملة الحديثُ المذكورُ محمولٌ عندي على الإِثابة، ولا يَأْبَاهُ لفظ «عن»، فإنه يُسْتَعْمَلُ في الإِثابة أيضًا.
١٩٥٤ - قوله:(إذا أَقْبَلَ الليلُ من ههنا إلى قوله: فقد أَفْطَرَ الصَّائِمُ)، وفي كُتُبِ الفِقْهِ: أن رجلين كان أحدهما عل رأس المَنَارة يرى الشمس، والآخر على سطح الأرض، وقد غَابَتْ عن نظره أنه يَصِحُّ الإِفطار للثاني، دون الأول. وظاهرُ اللفظ أنه أَفْطَرَ بعد غروب الشمس أكل شيئًا أو لا، فيكون حكمًا من قِبَل الشارع. فإن أَمْسَكَ بعده، لا شيءَ ولا أجرَ فيه. وقال ابن تَيْمِيَة: إن الوِصَالَ إلى السَّحَر مُسْتَحَبٌّ. وثَبَتَ عن أبي بكرٍ: أنه كان يُوَاصِلُ إلى ثلاثة أيام. وعن ابن الزُّبَيْرِ: أنه كان يُوَاصِلُ إلى تسعة أيام. ويُعْلَمُ من طريق الرُّوَاة أنه كان عادةً لهم. وحينئذٍ شرحه عنده: أنه جَازَ لك الإِفطار بعد الغروب. وأمَّا قولُه تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّواْ الصّيَامَ إِلَى الَّيْلِ}(البقرة: ١٨٧)، ففيه غايةُ التَّحَتُّم. وأمَّا من تحرَّى الفضلَ، فله أن يُمْسِكَ إلى السَّحَرِ.
٤٤ - باب يُفْطِرُ بِمَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ، بِالْمَاءِ وَغَيْرِهِ