قوله:(يُصَلِّي) أي كصلاة الصُبْح. ويجوز المرور للطائفين أَمَام المُصَلِّي فإنَّ الطَّوَاف بالبيتِ صلاة. كذا في كتاب الطَّحَاوي.
وغرض المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّ الطَّوَاف وإنْ كان حول البيتِ لكنَّ البيتَ كان في المسجدِ الحرام فثبت دخول البعير في المسجد. قلت: وفي استدلاله نظر لأنَّه لم تكُن هناك عِمَارة في عهده صلى الله عليه وسلّم غير البيت كما في البخاري وكان حولَهُ مَطَافَا فقط حتى بنَى عمر رضي الله عنه حوله حائطًا ثم بنى الملوكُ تلك الأبنية، نعم بقي فيه نظر بَعْدُ وهو أَنَّ حولَ البيت وإنْ كان مطافًا فقط لكِن القرآن أَطْلَقَ عليه لفظ المسجد، فينبغي البحث للفقيه في أَنَّ الأرضَ هل تأخذ أحكام المسجد بمجرَّدِ نية المسجد ولو لم يُحِط حائطًا ولم يبن بناءً، والذي يَظْهر أنَّه يَأْخُذُ حُكْمَهُ. ثم على المفسرين أَنْ يمعنوا أنظارَهم في أنَّ الذي سَمَّاه القرآن مسجدًا هل هو البيت فقط أو المطاف أيضًا؟ وعندي تَبْقَى حِصة منها خارجة عن هذا الإطلاق بعد كَوْنِ المَطاف مشمولا في المسجد أيضًا، وهذه حيث حَاط عمر رضي الله عنه حائطًا.
[٧٩ - باب]
٤٦٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيآنِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ. طرفاه ٣٦٣٩، ٣٨٠٥ - تحفة ١٣٧٢
٤٦٥ - قوله: (من عند النَّبي صلى الله عليه وسلّم أي مِنْ مَسْجِده فظهرت المناسبة، وثبتت الكرامة من حديث الباب، وأنكرها ابن حزم لاِلْتِبَاسها بالمعجزة، وفُرِّقَ بينهما بالتحدي وعدمه. ثم قال ابن حزم: إني قائل باستجابة الدعاء مع إنكاره الكرامة. قلتُ: إذا اشتمل الدُّعاء على أمرٍ خارقٍ للعادة فهو الكرامة فلم يبق النزاع إلا في التسمية، فما الفائدة في إنكار الكرامة. ثم في «الدر المختار» و «شرح العقائد» أنَّه لا اخْتِصَاصَ للمعجزة والكرامة بأمرٍ دون أَمْر، وكل كرامه معجزة للنَّبي، وكل أمرٍ يكون معجزة مِنَ النَّبي إذا ظهر على يَدِ ولي يُسمَّى كرامة. وقال الأستاذ أبو القاسم صاحب «الرسالة القشيرية»: أنَّه لا بد أَنْ تكون أشياء تَخْتَص بالمعجزة، وهو المختار عندي.
وهل يُمْكِنُ إحياء الميت مِنَ الولي أوْ لا؟ فكنت مترَدِّدًا في ذلك حتى رأيت حكايةً نَقَلَهَا الشيخ عبد الغني النابلسي عن العارف الجامي رحمه الله تعالى: أَنَّ رجلا من الأغنياء اتَّخَذَ له طعامًا، وطبخ دَجَاجَة ميتة اختِيارًا له ثم دعاه فجاء العارِفُ الجَامي وقال: قم بإِذن الله، فكان كما قال. إلا أني لا أعرف سنده، وهكذا نقل الشنطوفي ووثقه المحدثون عن الشيخ عبد القادر حبلي رحمه الله أنه كان يُذَكِّر النَّاسَ إذ جاءت حِدَأَة تصيح حتى شَوِّشَتْ على الشيخ كلامه فدعا عليها وقال: ما لكِ قَطَعَ اللَّهُ عُنُقَكِ فَسَقَطَتْ على الأرض ميتة من ساعتِها. ثم إذا فَرَغَ الشيخُ عن