للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مملوءًا ظلمةً وكفرًا. وأما الثاني فكما ترى اليوم كثيرًا من المسلمين، والمعصومُ مَنْ عَصَمَهُ الله.

٣٣ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِى عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». أطرافه ٢٦٨٢، ٢٧٤٩، ٦٠٩٥ - تحفة ١٤٣٤١

٣٣ - ثم إن قوله: (إذا حدث كذب) يتحقق فيما قال، أو فعل شيئًا في الماضي، فحكى عنه بخلافه.

وقوله: (إذا وعد أخلف) يكون في المستقبل. وفيه أن الإخلافَ نوعٌ آخر غيرُ الكذبِ، وإن كان أهل العرف يعدُّونهما واحدًا، وإنما كانت هذه علامة على النفاق، لأن الظاهرَ من حالِ المؤمن أن يخبرَ عن الواقع كما هو في نفس الأمر، وهكذا الأليقُ بحاله أن يوفِّى بما وعد، ويظهرَ الحق عند الخصومة، لكنه خالف الظاهر، فإذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر ولم يظهر الحق، فكان كذي الوجهين باطُنه غير ظاهره، فصلحت تلك الصفات، لكونها علائمَ على النفاق.

والفرق بين الوعد والعهد: أن الوعد يكون من طرف، والعهد من طرفين، وفي خلف الوعد عندنا، قولان: الأول: أنه مكروهٌ كراهةً تحريم، والثاني: كراهة تنزيه. هكذا نقله النووي رحمه الله تعالى. قلت: بل الأمر عندي أن يُقسَّم على الأحوال (١): فإن أرادَ الإِخلافَ عند الوَعْد كُرِه تحريمًا، وإن أراد الإنجاز ثُم مَنَعه مانعٌ لا يكون مكروهًا. والعهد يقابله الغدر. والفجور معناه أن لا يتمالَكَ نفسَه عند الخصومة، وينزل إلى السِّباب "يعني ابني آبى مين نه رهى أوكالى كلوج براتر آوى".

قوله: (حتى يدعها) وإنما زادها لأنه إذا تركَ هذه الخصائل، حتى خرج عنها وخرجت عنه، لا يبقى عليه حكمُ النفاق، كما في تمثيل إيمان الزاني، أنه يصيرُ كالظُّلة حين يزني، فإذا فرغ منه رجع إليه.

[تنبيه]

٣٤ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا


(١) ويؤيده ما في "المشكاة" في باب الوعد عن زيد بن أرقم مرفوعًا قال: "إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف له ولم يجىء للميعاد، فلا إثم عليه"رواه أبو داود والترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>