تعالى. وعندي عليه رواية أيضًا، وهنا إشكال آخر: وهو أنه كيف بشره بالفلاح على أداءِ الزكاة والصلوات الخمس فقط، مع أن في الإسلام أحكامًا غيرها. وجوابهُ أن في بعضِ طرقه: فأخبره بشرائع الإسلام.
٣٦ - باب اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ
والمشيُ عندنا خلفَ الجنائز أولى لأنه للتعظيم. وعند الشافعي رحمه الله تعالى أمامها أولى لأنه للشفاعة، ولفظُ الاتباع بمادَّتِهِ أقربُ إلى نظر إمامنا رحمه الله تعالى.
تَابَعَهُ عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. طرفاه ١٣٢٣، ١٣٢٥ تحفة ١٢٢٤٤، ١٤٤٨١ - ١٩/ ١
٤٧ - (واحتسابًا) إنما جيء به لأن الناس لا يحتسبون فيه أجرًا بل يحسَبونهُ من مراسم المودة، فهو موضعُ ذهولٍ عن النية، فنبَّه عليه الشارع لئلا يُذْهَل عنها ويُحرم عن توفير الثواب.
(حتى يُصلى عليها) قال العلامة القاسم في «فتاواه»: إن صلاةَ الجنازةِ في المسجد مكروهة تنزيهًا. وعند بعضهم مكروهة تحريمًا. والعلامة القاسم تلميذ لابن الهمام كابن أمير حاج. وقال صدر الإسلام أبو اليَسَر: إنها إساءة، وهي رتبة بين التحريم والتنزيهة. وإنما اشتهرُ بأبي اليَسَر لكون تصانيفه أقرب إلى الفهم، ويسمى أخوه الكبير بفخر الإسلام أبو العسر، لكون تصانيفه على خلافه. وعند محمد رحمه الله تعالى: لا تجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم بنى له مكانًا منفصلًا إلى جنب المسجد ولو جازت فيه لما كان إلى بنائه حاجة ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلّم صلاة الجنازة في المسجد إلا مرةً أو مرتين، فلا تكون أصلًا وضَابطة، وخروج النبي صلى الله عليه وسلّم من المسجد للصلاة على النجاشي دليل على كراهيتها في المسجد، فإنه لم يكن هناك احتمالُ التلوث أيضًا، ومع ذلك لم يصل فيه. ولم يقف الحافظ ابن حجر رحمه الله على تعيينُ مصلى الجنائز، وذلك لأنه حج مرتين فلم يتفق له تحقيق الأمكنة، بخلاف تلميذِه السَّمهودي فإنه أقام بالمدينةُ مدةً مديدة وحققَ المواضع، فالعبرةُ لقولِ السمهودي في أمثال هذه المسائل.