قَالَ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ ابْنُ بُحَيْنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَاثَ بِهِ النَّاسُ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «الصُّبْحَ أَرْبَعًا، الصُّبْحَ أَرْبَعًا». تَابَعَهُ غُنْدَرٌ وَمُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ فِى مَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ. وَقَالَ حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا سَعْدٌ عَنْ حَفْصٍ عَنْ مَالِكٍ. تحفة ١١١٨١، ٩١٥٥
ذهب طائفةٌ من أهل الظواهر إلى ظاهر الحديث، وقالوا: إن أُقِيمَتِ الصلاةُ وهو في خلال الصلاة بَطَلَتِ صلاته، ولم يَذْهَب إليه أحدٌ من الأئمة غيرها. وقال الجمهور: بل يُتِمُّها ولا يقطعها. وراجع كُتُب الفِقْه.
وأمَّا تفصيل المذاهب في الفجر، فقال الشافعيُّ رحمه الله تعالى في الجديد: إذا أُقِيمَتِ صلاةُ الفجر، فلا صلاةَ مطلقًا، فلا يَرْكَع ركعتي الفجر أصلا، لا في داخل المسجد، ولا في خارجه وقال في القديم مثل الحنفية، وبه قال مالك رحمه الله تعالى غير أنه فرَّق بين الدَّاخل والخارج، فقال: يَرْكعهما خارج المسجد إذا رَجَا أن يُدْرِكَ الركعتين كلتيهما، وإلاّ فلا وقال ابن العربي في «الاقتراب»: يَدْخُلُ فيهما إن رجا القعدة الأخيرة، وهذا مُخَالِفٌ لِمَا في عامة كُتُبهم.
وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى على ما تقرَّر عندي من مذهبه: إنه يَرْكَعُهُمَا خارجه بشرط إدراك ركعة. ولعلَّ التخصيص بالركعة من الاجتهاد ناظرًا إلى مثل حديث:«من أَدْرَكَ ركعة، فقد أدرك الصلاة». ولا رواية عنه في داخل المسجد. وهذا هو المذهب عندي، كما في «الجامع الصغير» و «البدائع»، واختار صاحب «الهداية»، وصرَّحوا به في باب إدراك الفريضة. وصرَّح به علماء المذاهب الأخرى أيضًا كالقَسْطَلاني من الشافعية، وابن رُشْد والباجي من المالكية، ثم وسَّع محمد رحمه الله تعالى في إدراك ركعة، وأجاز بهما عند إدراك القعدة أيضًا.
ثم مشايخنا رحمهم الله تعالى وسَّعوا بهما في المسجد أيضًا، وأظنُّ أنَّ أول من وسَّع بهما في المسجد هو الطحاويُّ، فذهب إلى جوازهما في ناحية المسجد بشرط الفَصْل بينهما وبين المكتوبة، حتَّى لا يُعَدَّ واصلا بينهما وبين المكتوبة، وهو مثار النهي عنده ولعلَّك عَلِمْتَ أن القَيْدَين الَّذَيْن كان صاحب المذهب ذكرهما ارتفع أحدهما بتوسيع محمد رحمه الله تعالى، والآخر بتوسيع الطحاويِّ رحمه الله تعالى.