(٢) قال الشيخ الخطّابي: السَّبع في البكر، والثلاث في الثَّيّب حَقُّ العَقْد خصوصًا، لا يحاسبان على ذلك، ولكن يكون لهما عفوًا بلا قِصاص. ثُم أجاب عن رواية النسائي، وقال: ليس فيه دليلٌ على سقوط حَقّها الواجب لها إذا لم يُسبع لها، وهو الثلاث التي هي بمعنى التسويغ لها، ولو كان ذلك بمعنى التبدئةِ، ثُم يُحاسب عليها، لم يكن للتخييرِ معنًى، لأنَّ الإِنسان لا يُخيّر بين جميع الحَقّ وبين بَعْضِه، على أنه بمعنى التخصيص. قال الشيخ: ويُشبِه أن يكونَ هذا من المعروفِ الذي أَمَر اللهُ تعالى به في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]، وذلك أن البِكر لما فيها من الخفر والحياء، تحتاج إلى فَضل إمهال، وصَبر، وحُسن تأنٍ ورِفْق، ليتوصل الزَّوج إلى الأدبِ منها؛ والثَّيْب قد جرْبت الأزواج، وارتاضت بصحبةِ الرجال، فالحاجة إلى ذلك في أمرها أقل، إلا أنها تُختصّ بالثلاث مَكرمة لها، وتأسيسًا للألفة فيما بينه وبينها، والله تعالى أعلم. اهـ "معالم". قلتُ: وإنما نقلت عبارةَ الشيخ لِتُقدّر منازلَ العلماء، وأنهم ليسوا بعاجزين في موضع، وإنْ كان الظاهر أنّ الشيخ لم يقدر على جواب روايةِ النسائي، ولا ريب، أنه حُجّةٌ صريحةٌ للحنفية، وللتأويل مساغ، ولكن أين هذا من ذاك!.