ونقل ابنُ بَطَّال عن أَهْلِ الظاهرِ وجوبَها، ونَسَبَ إلى البَعْضِ وُجوبَ التهجدِ والضُحى وسُنَّة الفَجْر، فهذه فروضٌ مختلِفة زَادَت على الصلوات الخمسِ، ولكِنْ إذا قال الإِمامُ الأعظم بوجوبِ الوترِ جَلَبوا عليه من كُلِّ جانب وصاحوا.
٤٤٤ - قوله:(قبل أَنْ يَجْلِس) والعوامّ يُصَلُّونَها بعد الجلوس مع هذا القيد صَراحة.
وقد مَرَّ أَنَّ للحنفيةِ فيه قولان، ففي «الكبير» من «الغاية» أنَّه مكروه تحريمًا، وقيل: إنَّه مكروه تنزيهًا، ويجب عندي استثناء المعتكِف وإنْ لم يَكُنْ له نقل.
٤٤٥ - قوله:(تُصَلِّي على أحدِكم) ... إلخ وهذا صريحٌ في إطلاق الصَّلاةِ على غيرِ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام وفي التنزيل:{خُوَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة: ١٠٣] ذَهَبَ المُفْتُون مِنَ المذاهب الأربعة إلى هجرِها وهكذا ينبغي، فإنَّ لفْظَ الصَّلاةِ صار شِعارًا للأنبياء عليهم الصّلاة والسلام في زماننا، فلا يُصَلَّى على غيرهم إلا أنْ يكونَ تَبَعًا، وما قِيلَ في جوابِهِ إِنَّ الصَّلاةُ في القرآن بمعنى الدعاء فلغو، لأنَّه لا بَحْثَ لنا عن المعنى، وإنَّما الكلام في إطلاق هذا اللفْظِ وهو موجود، ثُمَّ أَقُولُ إنَّ الصَّلاةَ لفظ مُشْتَرك في معانٍ فإذا كان كذلك فللمُفتي أَنْ يُخَصِّص إطلاقات القُرآن ببعضِ المعاني.
٤٤٥ - قوله:(ما لم يُحْدِث) ... إلخ ولعلهم يَدْعون عليه إذا أحدث تأذيًا عن الرائحة الكريهة، وعلى هذا ينبغي للفقيه أن يُمْعِن النظر في الكراهة فيها أنَّها تحريمية أو تنزيهية، والنَّظر يتردد في الأمور التي تشتمل على الضررِ كنومِ الجنب والوضوءِ بدون التسمية، والطعامِ، والجماعِ بدون أنَّها في أيِّ مرتبة تعتبر. والذي يَظْهر أَنَّ الوجوبَ، والحرمة، يتبعان الأمر والنهي، دون النظر المعنوي، فلا يَجِبُ الشيءُ ولا يَحْرمُ إلا بالأمر والنهي، وبعبارةٍ أُخْرَى أنَّ المأمورَ به لا بُدَّ أَنْ يكونَ نافعًا في النَّظَر المَعْنوي، وكذلك المنهي عنه لا بُدَّ أنْ يكون مُضرًا فيه، ولا يَلْزَم أَنْ يكون كلَّ مضرٍ منهيًا عنه، وكلُّ نافعٍ مأمورًا به.