والحاصل أن في أفعال العباد مذاهبَ، فقال المعتزلة: إنها مخلوقةٌ للعباد. والعياذ بالله، كيف! والمخلوق كيف لا يكون خالِقًا؟ وقال الجبريةُ: هي مخلوقة لله تعالى، ولا مدخل فيها للعبد أَصلًا، وهؤلاء أيضًا على طرف آخَر من السفاهة، حيث خرقوا المشاهدةَ، وأنكروا البداهة، وقال الدَّوَّاني: إنها من مجموع القدرتين، وهو أيضًا باطلٌ، لأن المجموعَ يتحقق بأجزائه، ولا تحقُّقَ لقدرةِ العبد بحيث يمكن التفكيكُ فيها، أن هذا القدر من العبد، وهذا القدر من الله تعالى، فإنَّه لا يتحقق جزءٌ منها، إلا ويكونُ تحت قُدرتِه تعالى، ولا تستطيعُ أن تَحْكُم على جزء من قدرةِ العبد أنها له، وإذا انتفى أحدُ جزأي المجموع، انتفى المجموع. والمشهورُ عند علماء الكلام أنها مكسوبةٌ للعبد، ومخلوقةٌ لله تعالى، ولعَمْري هو أعدل الأمور، وأَوْجَهُها، وما أوردوا عليه ليس بوارد، لأنَّ غايته أنا لم نقدر على =