للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٧٨١ - قوله: (أو مرارة السبع) وطريق التداوي بها أنهم كانوا يلفُّونَها حول الإِصبع إذا خرج فيها الدُّمَّل "انكل بير مين بته لبتيتتى هين".

قوله: (قد كان المسلمون يتداوون بها) وهذا صريح في أنَّ شُرب الأبوال كان على طريق التداوي، لا بناءً على طهارتها، كما ذهب إليه مالك، وقد ذكرناه من قبلُ مبسوطًا.

٥٨ - باب إِذَا وَقَعَ (١) الذُّبَابُ فِى الإِنَاءِ

٥٧٨٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ مَوْلَى بَنِى تَيْمٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى بَنِى زُرَيْقٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِى أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِى الآخَرِ دَاءً». طرفه ٣٣٢٠ - تحفة ١٤١٢٦

وقد مر منا أن الغمسَ إنما هو إذا لم يكن الشيءُ حارًا، فإنَّه إذا كان حارًا شديدًا، كالشاء، فإنَّ الغمسَ لا يزيده إلا شرًا. وكذلك قد ذكرنا التفصيل فيما إذا طار من موضعٍ نجس، ووقع في الماء، فراجعه.

...


(١) قال الخَطَّابي: فيه من الفقه أن أجسامَ الحيوان طاهرة، إلا ما دلت عليه السنة من الكلب، ولما ألحق به في معناه، وفيه دليل على أن ما لا نفس له سائلة إذا مات في الماء القليل، لم ينجسه. وذلك أن غمس الذبابِ في الإِناء قد يأتي عليه، فلو كان نجَّسَه إذا مات فيه، لم يأمره بذلك لما فيه من تنجيسِ الطعام، وتضييع المال، وهذا قول عامة العلماء، إلا أن الشافعي قد علق القولَ فيه، فقال في أحد قوليه: إن ذلك ينجسه؛ وقد روى عن يحيى بن أبي كثير أنه قال في العقرب يموت في الماء: إنها تنجَّسُه، وعامة أهل العلم على خلافه.
وقد تكلم على هذا الحديث بعض من لا خلاق له، وقال: كيف يكون هذا! وكيف يجتمع الداء، والشفاء في جناحي الذبابة! وكيف تعلم ذلك من نفسها، حتى تقدمَ جناح الداء، وتؤخر جناح الشفاء، وما أربها إلى ذلك؟ قلتُ: وهذا سؤال جاهل، أو متجاهل، وأن الذي يجدُ نفسه ونفوس عامة الحيوان، قد جمع فيها بين الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، وهي أشياء متضادة، إذا تلاقت تفاسدت، ثم يرى أن الله سبحانه قد ألف بينها، وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان التي بها بقاؤُها، وصلاحُها، لجدير أن لا ينكرَ اجتماع الداء والشفاء في جزأين من حيوان واحدٍ، وأن الذي ألهم النحلة أن تتخذ البيت العجيب الصنعة، وأن تعسل فيه، وألهم الذرة أن تكتسب قوتها، وتدخره لأوان حاجتها إليه، هو الذي خلق الذبابة، وجعل لها الهداية إلى أن تقدم جَناحًا، وتؤخر جناحًا، لما أراد من الابتلاء الذي هو مدرجة التعبد، والامتحان الذي هو مِضمَارُ التكليف، وفي كل شيء عبرة وحكمة، وما يذكر إلا أولو الألباب اهـ "معالم السنن".

<<  <  ج: ص:  >  >>