٢٥١١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَيُشْرَبُ لَبَنُ الدَّرِّ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا». طرفه ٢٥١٢ - تحفة ١٣٥٤٠
٢٥١٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِى يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ». طرفه ٢٥١١ - تحفة ١٣٥٤٠
أي إذِا رهن الراهنُ شيئًا عند رَجُلٍ، وقبضه المُرْتَهِن، فإِنْ كان فَرَسًا جاز له أن يَرْكَبه، وإن كان شاةً وَنَحْوها، له أن يَحْلُبُها؛ وهذا هو مذهب أحمدَ. وقال الحنفية: إنَّ الزوائد كلَّها تكون أمانةً في يد المرتَهِن؛ وتعودُ إلى الراهِن مع أَصلها، بعد استيفاء الدَّين، فإِنْ هَلَك ضَمِنه بالأقلِّ من القيمةِ، والدين، قال شارح "الوقاية": إنَّ "من" ههنا تفصيليةٌ. قلت: وهو سهوٌ مِضرّ، فإِنَّه تتغيَّر به المسألةُ، بل هي بيانيةٌ.
ثم أعلم ومؤؤنة الراهِنَ إن أجاز للمرتَهِن أَن ينتفع بالمرْهُون، فإِن لم يكن مَشْروطًا في العَقْد، ولا معروفًا في العُرْف جاز، ويَحِل له الانتفاعُ به. ثم قالوا: إنَّ مَؤُنة الحِفْظ على لمرتَهِن، ومَؤنةَ ما يتوقف عليه بِقاءُ المرهون على الراهن، فلا يجوزُ للمرتَهِن أن يَشْرب اللبنَ على مسائلنا، وإنما يبِيعُه، ويَصَنُع ثَمَنَهُ عنده أمانةً للراهن؛ فإِن لم يجد مَنْ يشتريه، ورآه على شَرَفِ الفسادِ والضيَّاعِ، يَحِلِ له شُرْبُه عندي، وإن لم يذكره في الفِقْه، ويحاسب عما يجب على
(١) قال القاضي أبو المحاسن في "المعتصر": روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الضر يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا لم يذكر في هذا الحديث من المقصود بالركوب، وشرب اللبن المذكورين فيه، فقيل: إنه الراهن، وهو مذهب الشافعي، ومن سواه من أهل العلم، حمله على خلافه، وقد روي عن أبي هريرة مرفوعًا: إذا كانت الدابة مرهونة، فعلى المرتهن علفها، ولبن الضر يشرب، وعلى الذي يركب ويشرب نفقتها، فيه دليل على أن المقصود هو المرتهن، وهذا عندنا منسوخ، لأنهم مأمونون على ما عملوا، كما هم مأمونون على ما رووا، لأنه لو لم يكونوا كذلك لسقطت عدالتهم، وسقطت روايتهم، ومما يدل على أن النسخ قد طرأ على هذا الحديث، أن الشعبي قد روى عنه أنه قال: لا ينتفع من الرهن بشيء، وعليه مدار هذا الحديث، فلم يقل ذلك، إلا وقد ثبت عنده نسخه، ولما كان الرهن موصوفًا بأنه مقبوض بقوله تعالى: {فَرِهَانٌ} دل ذلك أن يد الراهن زائلة، فلا يجوز الانتفاع للراهن والمرتهن، وإلى هذا ذهب فقهاء الحجاز، والعراق، اهـ. وفصله العيني في "العمدة" ص ١٩٧ - ج ٦.