قِبل ابنه. وأما الكفار فلم يكونوا يذكرون لهم إلا كُنية واحدة، فانهم أَحَقُر من أن تُذكر كُناهم، وإنما كانوا يكتفون بِذْكر إحدى كُنيتهم.
قوله:(وبرأ النَّسمة) قد تكلمنا على هذا اللفظ مرتين، ولا بأس أن نعودَ إليه ثالثًا، فاعلم أن النَّسمة ترجمته "جان" وفي تعريفات الأشياء لابن سيناء أن النفس الحيوانيةُ يقال لها: "روان"، والنفس الناطقة يقال لها:"جان".
قلت: وقال الشاه وليُّ الله: إنَّها الروح الهوائي، وليس بصحيح عندي. ثُم الروح الهوائي هي البخارات المملوءة في الشرايين، وهي مركب للحياة، وما أدركنما مرادَ النَّسمة إلا من حديث أخرجه مالِك في «موطئه»: «إنما نسمةُ المؤمنِ طَيْرٌ يعلق في شجرة الجنة حتى يرجع». فالروحُ أَمْرٌ مستقِرٌ عند الشرع، مصونٌ عن التغير والتطور، فلا تتطور، ولا تتبدل في ذاتها من صورةٍ إلى صورة، ولا تنتقل من شَكْل إلى شَكْل، ولا تُسند إليها الأَفْعالُ المادية؛ يخلاف النَّسمة، نعم تُنْسب إليها النَّفْخُ والقبض، ولكنها ليسا من الأفعال المادية.
ثُم تلك الروحُ تلبس لباسًا فيسنُد إليها من لأفعال المادية أيضًا، كالأَكْل، والشُّرْب، فلعلَّ التسمةَ من أحوالِ الأرواح، في وقت مخصوص. أما الروحُ، فهي أَمْرٌ مستقر. وإذن الفَرْق بين الروح والنَّسمة مِن قِبَل الأفعال، ولذا لم نجد في الأحاديث إسنادُ الأفعال الماديةِ إلى الروح، ومهما وجدناه وَجَدْناه بلفظ النَّسمة، فدلَّ على تغاير بينهما. وعند الترمذي في باب فضائل الشهيد:«في جوف طير». على خلاف لفظ «الموطأ» ففيه: «طير»، وقد مَرَّ أنه على لفظ «الموطأ» تَمَثُّلا، وتطورًا للروح، أي ظهورًا، بخلافه على لفظ الترمذي، وكذا عند لَفْظ الأرواح». مكان النَّسمة، فراعه.
١٧١ - باب فَكَاكِ الأَسِيرِ
فِيهِ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
٣٠٤٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فُكُّوا الْعَانِىَ - يَعْنِى الأَسِيرَ - وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ». أطرافه ٥١٧٤، ٥٣٧٣، ٥٦٤٩، ٧١٧٣ - تحفة ٩٠٠١ - ٨٤/ ٤